للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقدِّمة الثّانيةُ (١)

قد قدَّمنا أنَّ النِّكاحَ قد ينعقدُ للأَبَدِ، ولا يجوزُ فيه الأمَدُ، ويُقْصَدُ به الأُلْفَةُ والنَّسْلُ الّذي تكثُرُ به الأُمَّةُ، ويدومُ به العملُ الصّالحُ، هذا هو المقصودُ منه، إِلَّا أنَّه قد تتعذّرُ الأُلْفَةُ، ويقعُ بين الزوجينِ النَّفْرَةُ. فلو بَقيَ على حالِهِ من اللُّزومِ، واستمرَّ على صفةٍ من التَّأبِيدِ، لكان في ذلك ضَررٌ بالزَّوجينِ، فشرعَ اللهُ تعالى - كما قدَّمنا- النِّكاحَ للأُلْفَة، وشَرَعَ الطلاقَ مَخلَصًا عندَ وقوع النَّفْرَةِ، وهو أمرٌ لا ينبغي أنّ يكون إِلَّا عندَ وقتِ الحاجةِ.

فقد رَوَىَ أبو داود (٢): "أبغَضُ مَبَاحٍ إِلَى اللهِ الطَّلَاقُ".

ورَوَى أيضًا (٣): "أيُّمَا امْرَأةٍ سَألَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ من غَيْرِ عُذْرٍ أو مِنْ غَيرِ مَا بَأسٍ لَمْ تُرِحْ رَائحَةَ الجَنَّةِ".

فينبغي للرَّجُل أنّ يُوقِعَهُ -كما قلنا- عند الحاجةِ إليه، بشروطه الّتي بَيَّنَهَا الله تعالى فيه، مفيدًا للمنفعة، خالصًا عن المَضَرَّةِ.

وهو على ضربين: كاملٌ بالحريَّةِ، وناقصٌ بالرِقَّ والعُبوديَّةِ.

ومن وجهِ آخر على قسمين: سُنَّةٌ، وبدعةٌ، وقد يَعْرَى عنهما.

وطلاقُ السُّنَّةِ (٤) هو:

١ - ان يطلِّقَها واحدةً.

٢ - وهي ممّن تحيض.


= تُشلَى كبيرتها: ترعى، والترميق: التقليل، والمرأةُ ما دامت مع زوجها في وثاقهُ فإذا فارقها فقد أطلقها من وثاقه".
(١) انظرها في القبس: ٢/ ٧٢٢ - ٧٢٤
(٢) في سننه (٢١٧١)، كما أخرجه ابن ماجه (٢٠١٨)، والحاكم: ٢/ ١٩٦، والرازي في فوائده (٢٦)، والبيهقي: ٧/ ٣٢٢ كلهم من حديث محارب بن دثار، عن ابن عمر بلفظ "الحلال" بدل "مباح". قال ابن الملقن في خلاصة البدر المنير: ٢/ ٢١٨ "وإسناد أبي داود صحيح".
(٣) في سننه (٢٢٢٦ ع) وأخرجه ايضا ابن أبي شيبة (١٩٢٥٨)، وأحمد: ٥/ ٢٨٣، والدارمي (٢٢٧٥)، وأبو داود (٢٢٢٦ ع)، وابن ماجه (٢٠٥٥)، والترمذي (١١٨٧)، وابن حبان (٤١٨٤)، كلهم من حديث ثوبان.
(٤) انظره في أحكام القرآن: ٤/ ١٨٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>