للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشّافعي (١): يرجِع عليها بمَهرٍ المِثلِ؛ لأنّه أحد طرفي النّكاح، فإذا بَذَلَ ما لا يصحَّ ملكه، وجبَ الرُّجوع إلى مَهرِ المِثلِ، كابتداءِ النِّكاحِ وانتهائه، وذلكَ أنّ العِوَضَ في ابتدائه واجبٌ ضرورةً. فهذا بذل فيه ما لا يجوزُ، لزمه الشَّرعُ مَهرَ المِثلِ، لِئلَّا يخلو ابتداء النّكاح من عِوَضٍ يخالفُ انتهاءَهُ، فإنّه لا يلزَم فيه العِوَض شَرّعًا فاذكر ما لا يصحّ أنّ يكون عِوَضًا لم يجب لها شيءٍ؛ لأنّ التَّفريطَ جاءَ من قِبَلِهَا.

المسألة الحادية عشرة:

يجوزُ الخُلْعُ بالغَرَرِ والمجهولِ (٢)، خلافًا لأبي حنيفة (٣)، والشّافعيّ، حيث قالا: لا يجوزُ بشيءٍ من ذلك. واحتجَّا بأنّه أحد طَرَفَي النِّكاحِ، فلم يجز بمجهول كابتدائه.

ودليلنا: أنّ الطَّلاقَ يجوزُ تعليقُه على الإغرار والأخطار، فجاز بالمجهول كالوصيّة، فأما احتجاجهم بابتداء النّكاح، فلا يسلّم لهم؛ فإنّ النّكاح عندنا يجوزُ بالمجهولِ في تفصيلٍ طويلٍ.

المسألة الثّانية عشرة:

ذكر مالكٌ (٤) أنّه إذا تابعَ طلاق المُختَلِعَة بطلاقٍ بعدَهُ نَسَقًا من غيرِ صُمَاتٍ أنّه يلزم ويلحق بالأوَّل، وهذا شيءٌ ظاهر؛ فإنّ الكلامَ منهُما لم ينقطع، فجازَ الاتِّصال به.

بَابُ مَاء جَاءَ في اللَّعَانِ

قال الإمامُ (٥): أحاديثُ اللِّعانِ كثيرة المساقِ، أمّهاتُهما حديثانِ:


(١) في الأم: ١١/ ١٩٢ (ط. قنيبة).
(٢) انظر المعونة: ٢/ ٨٧٣.
(٣) انظر المبسوط: ٦/ ١٨٨ - ١٨٩.
(٤) في الموطَّأ (١٤٦١) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٦١٧).
(٥) انظره في القبس: ٢/ ٧٤٥ - ٧٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>