للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الجامع]

قال الإمام أبو بكر بن العربي: هذا كتاب أَرْبَى مالك - رحمه الله - على المحدِّثين، وطرقَ لهم في التّصنيف، وفتح فيه لجماعة من المسلمين المصنّفين بابًا عظيمًا، فأتى فيه بالعَجَبِ العُجَاب، فقال (١): باب الدُّعاء للمدينة وأهلها، وساق حديث إبراهيم -عليه السّلام- حين دعا لمكَة (٢)، وهذه مسألةَ اختلفَ العلماء فيها، فقالوا: أيّهما أفضل مكّة أو المدينة؟ وكان من الحقّ ألَّا يختلفوا في مثل هذه المسألة وأمثالها؛ لأنّ السّائل إذا قال: أيّهما أفضل؟ لم يستحقّ على ذلك جوابًا، فلُبَابُ الكلام في هذه المسألة أنّ نقول (٣): الفضائل متعدّدة مختلفة، فقدلنا: مكّة أفضل أم المدينة؟ خطأ، إنّما يصحّ أنّ يقال: أيّهما أكثر فضلًا، لا يجوز غيره على التفصيل الّذي مهّدناهُ حيث أشرنا عليه.

والفضائل المقصورةُ على فضلها (٤) تسعةٌ:

الأولى: بركتها

وقد ذكر النبيُ - صلّى الله عليه وسلم - حديث بركتها كاملًا، فقال - صلّى الله عليه وسلم -: "ائتُونِي بِوَضُوءٍ" فَتَوَضَّأَ، ثُم قَامَ فَاستَقبَلَ القِبلَةَ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ إِنَّ إِبرَاهِيمَ عَبدَكَ وَخَلِيلَكَ، قَد دَعَا لأَهلِ مَكَّةَ بِالبَرَكَةِ، وَأَنَا عَبْدُكَ وَرَسولُكَ أَدعُو لأَهلِ المَدِينَةِ أنّ تُبَارِكَ لَهُم في مُدِّهِم وَصَاعِهِم مَثلَ مَا بَارَكتَ لأَهلِ مَكَّةَ مَعَ البَرَكَةِ بَرَكَتَينِ" وهذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ (٥) لا مدفع فيه. وفي


(١) في الموطَّأ: ٢/ ٤٦١ رواية يحيى.
(٢) الحديث (٢٥٩١) رواية يحيى.
(٣) انظرا الكلام التالي في العارضة: ١٣/ ٢٧٢ - ٢٧٦. وابتداء من الفضل السابع انظره في القبس: ٣/ ١٠٨٦.
(٤) أي على فضل مكّة المكرمة.
(٥) أخرجه التّرمذيّ (٣٩١٤)، وأحمد: ١/ ١١٥، والبخاري في التاريخ الكبير تعليقًا: ٦/ ٤٨٠، وابن حبّان (٦٧٤٦ ترتيب ابن بلبان)، والنسائي في الكبرى (٤٢٧٠)، وابن خزيمة (٢٠٩)، والطبراني =

<<  <  ج: ص:  >  >>