للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا إذا كان الطّلاقُ رجعيًا أو بائنًا فإنّها تتمادَى.

وقال بعضُ أشياخِنَا (١): الأَمَةُ إذا طلَّقها زوجُها ثمَّ عُتِقَتْ، فإنّها لا تنتقلُ إلى عِدَّةِ الحُرِّة، وفيه قولٌ واحدٌ؛ لأنّ الحُكْمَ ثبتَ عليها وهي أَمَةٌ، فلا يبطلُ العِتْقُ ما وَجَبَ عليها من الطَّلاقِ، وكالكافرِ إذا قَتلَ الكافرَ ثمَّ أسْلَمَ، فإنَّه لا يَسْقُطُ عنه القتلُ بإسلامه، إِلَّا أنَّ ابنَ القاسمِ خالفَ أصلَهُ في الظِّهارِ، وذلك أنَّه قال: إنَّ الرَّجُل إذا ظَاهَرَ يلزمُه العِتْق، فإن كان لا يجد الرَّقَبَةَ، انتقلَ إلى الصّومِ، فإنْ مَضى له من الصَّومِ يَسيرٌ، وَوَجَدَ له رَقَبَة، رَجَعَ إليها، فإن كان مَضَى له كثيرٌ، فإنّه يُتِمُّ الصَّومَ.

المسألةُ الثّانيةُ:

وأمَّا عِدَّةُ الأَمَةِ، فإنَّها حَيْضَتَانِ لإجماعٍ من الأُمَّةِ (٢).

فإن قيل: لم لا تكونُ حَيضَة ونصف، إذِ الأَمَةُ في الحُيْضِ والطّلاق على النِّصفِ من الحُرِّة.

فالجواب: أنَّها لا تتبعَّض، فلذلك تَمَّت حيضتين.

فإن قيل: فلم لا تكونُ في واحدةٍ؟

فالجواب: أنَّه غَلَبَ الحَظْرُ على الإباحة.

المسألة الثّالثة:

وأمّا استبراءُ الرَّحِمِ، فإنَّه بحَيْضَةٍ واحدةٍ.

فإن قيل: فلأيِّ شيءٍ جُعَلَت الثّلاثةُ في الحُرّةِ والاثنانِ في الأَمَة؟

قلنا: الزّائدُ على الواحدةِ عبادةٌ، وزِيدَتِ الحرّةُ على الأَمَةِ بواحدةٍ.

والدّليل على أنَّ الرَّحِمَ يستبرىء بحيضة واحدةٍ أنَّ الأَمَةَ توطأ بعدَ استبرائها بِحَيْضَةٍ.

باب ما جاء في الحَكْمَيْنِ

قال (٣) الإمامُ: هذه مسألةٌ نصَّ اللهُ عليها، وحَكَمَ بها عند ظُهورِ الشِّقاقِ بين الزَّوجينِ واختلافِ ما بينَهُمَا، وهي مسألةٌ عظيمةٌ اجتمعتِ الأُمَّةُ على أصلها في البعث،


(١) انظر نحو هذا القول في المنتقى: ٤/ ١٠٧
(٢) حكى هذا الإجماع ابن القطّان في الإقناع: ٣/ ١٣٠٩، نقلًا عن ابن عبد البرِّ الاستذكار: ١٨/ ١٩٢.
(٣) انظر هذه الفقرة في القبس: ٢/ ٧٥٨ - ٧٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>