للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنّ يعتدَّوا به لو استخلف من يتمّ بهم، فإن كان هذا، فليس يُشكِل في الحديث معنى حينئذٍ على مذهب مَنْ روى أنّه كبَّرَ ثم أشار إليهم أَنِ امْكُثُوا وانْصَرَفَ. وأمّا من رَوَى أنّه لم يكبِّر أوَّلًا، وَكَبَّرَ لَما انصرفَ، فليس في روايته شيءٌ يحتاج إلى قولٍ غير انتظار الإمام إذا كان في الوقت سَعَة، وهذا أمرٌ مجتمعٌ على جوازه لا مَدخَلَ أيضًا للقول فيه.

والوجهُ الثّالث: هو أنّ يكون النّبيّ -عليه السّلام- كبَّرَ مُحرِمًا مُستأنفًا لصلاته، وبَنَى القومُ خَلفَهُ على ما مضَى من إحرامهم. فهذا وإن كان فيه النّكتة المجيزة لصلاة القوم خلف الإمام الجُنُب لاستحرامهم بإحرامهم خَلْفَه، فإنّه لا يصحُّ ولا يُخَرَّجُ على مذهب مالكٌ؛ لأنّه حينئذ يكون إحرام القوم قبل إحرام إمامهم، وهذا غير جائز عند مالكٍ وجمهور الفقهاء، وإنّما اختاره الشّافعيّ في أحد قوليه، والصّحيح عنه مثل قول الجماعة (١)، ولا يحتمل الحديث غير هذه الثلاثة الأوَجُه، ولا يخرج عن واحد منها، وليس في شيءٍ منها ما يدلُّ على جواز صلاة المأموم الطّاهر خَلْفَ الإمام الجُنُبِ على مذهب مالك.

الفصلُ الثّاني فى سرد المسائل

وفيه ثلاثة مسائل:

المسألة الأولى (٢):

اختلفَ العلماءُ في القوم يصلُّون خَلفَ إمام ناسٍ لجَنَابَتِهِ؟ فقال مالكٌ وأصحابه (٣) والثّوريُّ والشّافعىُّ: لا إعادةَ عليهم. ورُوِيَ ذلك عن عمر وعثمان وعليّ، وعليه أكثر


(١) انظر الأم: ٢/ ٢٩٥ - ٢٩٦.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من التمهيد: ١/ ١٨١ - ١٨٢.
(٣) انظر المدوْنة: ١/ ٣٧ في الرَّجل الجنب يصلي ولا يذكر جنابته، وعيون المجالس: ١/ ٣٤٣، والإشراف: ١/ ١٥١ [ط. تونس].

<<  <  ج: ص:  >  >>