للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحسن بن أبي الحسن البصري ومجاهد: لم تكونا من جلد حمار ميِّت، وإنَّما أراد اللهُ تعالى منه أنّ يباشر بقَدَمَيه بركة الأرض المقدّسة (١)، وهي الطّاهرة (٢) وقيل: المباركة (٣).

وقال كعب الأحبار أيضًا: "أُمِرَ موسى -عليه السّلام- أنّ يخلع نَعلَيه؛ لأنّهما كانتا من جلد حمار ميِّت، وليباشر القدس بقَدَمَيه" (٤)، فجمع بين المعنيين (٥)، والله أعلم.

مَا جَاءَ فِي لُبْس الثِّيَابِ

مالك (٦)؛ عَنْ أَبِي الزِّنادِ، عَنِ الأَعْرجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُول الله - صلّى الله عليه وسلم -: نَهَى عَنْ لِبسَتَينِ، وَعَن بَيْعَتَين، وَعن المُلَامَسَةِ، وعنِ المُنَابَذَةِ، وَأن يحتَبِيَ الرَّجُلُ في ثَوبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى فَرجِهِ مِنهُ شَيءٌ، وَعَن أَنْ يَشتَمِلَ الرَّجُلُ الثَّوب الوَاحِدَ عَلَى أَحَدِ شِقَّيهِ.


(١) ذكره القرطبي في جامع الأحكام: ١١/ ١٧٣ يقول الطّبريّ في تفسيره: ١٦/ ١٤٧٤ (ط. الحلبي) مرجحًا هذا القول: "وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول من قال: أمر الله -تعالى ذِكرُهُ- بخلع نعليه ليباشر بقدميه بركة الوادي، إذ كان واديًا مقدَّسًا، وإنّما قلنا ذلك أولَى بالتأويلين بالصواب لأنّه لا دلالة في ظاهر التنزيل على أنّه أمر بخلعهما من أجل أنّهما من جلد حمار، ولا لنجاستهما، ولا خبر بذلك عمن يلزم بقوله الحجة" وهو الّذي رجّحه المؤلِّف في أحكام القرآن: ٣/ ١٢٥٦ حيث قال: "فما أجدره بالصحة، فقد استحق التنزيه عن النَّعل، واستحق الواطىء التبرك بالمباشرة".
(٢) قاله عكرمة، أخرجه ابن أبي حاتم كما نصّ على ذلك السيوطيّ في الدر المنثور: ٤/ ٢٩٢.
(٣) قاله مجاهد، أخرجه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد، وابن المنذر، نصّ على ذلك السيوطيّ في الدر المنثور: ٤/ ٢٩٢.
(٤) أخرجه ابن عبد البرّ في الاستذكار: ٢٦/ ٢٠٠، وعبد بن حميد كما نصّ على ذلك السيوطيّ في الدر المنثور: ٤/ ٢٩٢.
(٥) قاله ابن عبد البرّ في الاستذكار، وعنه الباجي.
(٦) في الموطَّأ (٢٦٦٢) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٩٢٢)، وسويد (٦٩٢)، والشّافعيّ في مسنده: ٢/ ١٤٤، وابن أبي أويس عند البخاريّ (٥٨٢١)، والقعنبي عند الجوهري (٥٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>