للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب ما جاء في الأقراء في عِدَّة الطّلاق وطلاق الحائض

قال الإمام: القُرْءُ كلمةٌ محتملةٌ للحيضِ والطُّهْرِ. والأصلُ فيه، قولُه تعالى: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (١) وذلك راجعٌ على الطُّهْر؛ لأنَّه مذكَّرٌ، ولو أرادَ الحَيْضَ لقال: "ثلاث حيض" لأنّ الحَيْضَ مؤنَّثٌ.

واتَّفقَ أهلُ اللُّغةِ على أنَّ القُرْءَ الوقتُ. والطّلاق الشّرعي: هو فُرقة الزّوجة. وذَكَرَ مالكٌ عن عائشة؛ أنَّ الأَقْرَاءَ الأَطْهَارُ (٢).

الفقه في ثمان مسائل:

المسألة الأُولى (٣):

اختلفَ النَّاسُ من الفقهاء وأهلِ اللُّغة في الأقراء اختلافًا كثيرًا, ولا شكَّ في أنَّ زمانَ الحيضِ يُسمَّى قُرْءًا، كما أنَّ زمانِ الطُّهْرِ يُسمَّى قُرْءًا, ولكن نُوَضِّحُ أنَّ المرادَ في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (٤) أنَّه زمانُ الطُّهْرِ، لثلاثَهِ أَوْجهٍ:


= اليوم. وقيل: إنَّ الأندلس كلها كبلدة واحدة فلا يتلوم له وتعتد امرأته من ذلك اليوم وتتزوج إن شاءت ويقسم ماله. وإنّما يضرب له أجل سنة إذا كانت المعركة بعيدة مثل إفريقية من مصر ومصر من المدينة، قاله عيسى بن دينار.
والثّاني رواية أشهب عن مالك أنّه يُضرب له أجل سنة ثمّ تعتد امرأته وتتزوج ولا يقسم ماله حتّى يأتي عليه من الزّمان ما لا يحيى إلى مثله، وهو قول الأوزاعي وتأويل أحمد بن خالد على رواية أشهب. والتأويل الصّحيح فيها أنّه يقسم ماله بعد السُّنَّة، وهو قول ثالث في المسألة، وهذا كله إذا شهدت البينة المدلة أنّه شهد المعترك. فأما إنَّ كانوا إنّما رأوه خارجًا في جملة العسكر ولم يروه في المعترك فحكمه حكم المفقود في زوجته وماله باتِّفاق والله سبحانه وتعالى أعلم".
(١) البقرة: ٢٢٨، وانظر أحكام القرآن: ١/ ١٨٤.
(٢) أخرجه مالك في الموطَّأ (١٦٨٤) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٦٥٦)، وسويد (٣٦١)، والشّافعيّ في مسنده: ٢٩٦، وابن وهب عند الطحاوي في شرح معاني الآثار: ٣/ ٦١, وابن بكير عند البيهقي: ٧/ ٤١٥.
(٣) انظرها في القبس: ٢/ ٧٥٦ - ٧٥٧.
(٤) البقرة: ٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>