للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال إسماعيل القاضي: ليس نزولُه - صلّى الله عليه وسلم - بالمُعَرَّسِ كسائر نزوله بطريق (١) مكَّة؛ لأنّه كان يصلِّي الفريضةَ حيث أمكنه، والمُعَرَّسُ إنّما كان يصلّي فيه النّافلة.

البَيْتوتةُ بمكَّة ليالي مِنىً (٢)

الأحاديث (٣):

قال القاضي: وما أحسب أنّ يصحّ في ذلك حديثٌ، وأحْسَنُ ما رُوي في ذلك حديث ابن عمر؛ أنّه قال: قد بات رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - بمنىَ وصلَّى فيها.

وكان ابنُ عبَّاس يُرَخّصُ في المبيت بمكّة ليالي مني (٤). وذكر أبو داود (٥) بإسناده عن ابن عمر، قال: استأذنَ العبَّاسُ النَّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّ يبيتَ بمكَّةَ ليالي منىً من أجل سقايته (٦)، فأذِنَ له.

قال القاضي (٧): وهو حديثٌ ثابتٌ، وفيه دليل على أنَّ المبيت بمِنىً ليالي منىً من سُنَنِ الرَّسول - صلّى الله عليه وسلم -؛ لأنّه رخَّص في ذلك لعَمِّه دون غيره من أجل السِّقاية.

واختلف الفقهاء في حُكْم من بات بمكَّة من غير أهل السِّقاية؟

فقال مالك (٨): عليه دم.

وقال الشّافعيّ (٩): لا رخصةَ في ترك المبيت بمنىً، إلّا لِرُعَاة الإبِل وأهل سقاية العبَّاسِ دون غير هؤلاء (١٠).

وقال أصحابُ الشّافعيّ (١١): له (١٢) في هذه المسألة قولان:


(١) في الاستذكار: "كسائر منازل طرق".
(٢) هذا الباب مقتبس بتصرُّف من الاستذكار: ١٣/ ١٨٩ - ١٩٥.
(٣) في الموطّأ (١٢٠٧، ١٢٠٨، ١٢٠٩) رواية يحيى.
(٤) ذكرها ابن عبد البرّ في التمهيد: ١٧/ ٢٦٢ وعزاها إلى عبد الرزّاق.
(٥) في سُنَنِه (١٩٥٩)، والحديث أخرجه البخاريّ (١٦٣٤)، ومسلم (١٣١٥).
(٦) أي سقاية الحاجّ.
(٧) الكلام موصول لابن عبد البرّ.
(٨) في المدونة: ١/ ٣٢٠ في القراءة وإنشاد الشِّعْر.
(٩) في الأمّ: ٣/ ٦١ (ط. فوزي).
(١٠) في الأصل: "وأهل السّقاية بني العبّاس وهؤلاء" والمثبت من الاستذكار، وعبارة الأم: "وأهل السقاية، سقاية العباس بن عبد المطلب دون السقايات".
(١١) انظر الحاوي: ٤/ ٢٠٤، والوسيط للغزالي: ٢/ ٦٦٥ - ٦٦٦، والبيان للعمراني: ٤/ ٣٥٦.
(١٢) "له" زيادة من الاستذكار.

<<  <  ج: ص:  >  >>