للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه للضَّرورة إليه، وهذا لفظ افعل وارد بعد الحَظر، ومع ذلك فإنّه يقتضي الوجوب؛ لأنّه نهى عن إرخاء الذَّيل، ثمّ أمر المرأة بإسبال ما يسترها منه، وذلك على الوجوب، لا يحلّ للمرأة أنّ تترك ما تستتر به، والله أعلم.

مَا جَاءَ فَي الانتَعَالِ

مالك (١)، عن أبي الزِّنَاد، عَنِ الأَعرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَة؛ أَنَّ رَسُول اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - قَال: "لَا يَمْشِيَنَّ أَحَدُكُم فِي نَعلٍ وَاحدٍ، لِيُنعِلهُمَا جمِيعًا، أَو لِيخلَعهُمَا جمِيعًا".

الحديث صحيح، وقد عقدنا فيه جزءًا نحوًا من عشرين ورقة (٢).

الأصول (٣):

قال علماؤنا (٤): هذا نَهيُ أدبٍ وإرشاد (٥)، لإجماعهم -والله أعلم- أنَّه إذا مشى في نعلٍ واحدٍ لم يحرم عليه النَّعل، وليس يكون بذلك عاصيا عند الجمهور وإن كان بالنَّهي عالمًا (٦).

وقال أهل الظّاهر: إذا كان المرءُ بالنَّهي عالمًا فهو عاصٍ.


(١) في الموطَّأ (٢٦٥٩) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٩١٩)، وسويد (٦٩٥)، والقعنبي عند الجوهري (٥٦٢)، ويحيى بن يحيى النيسابوري عند مسلم (٢٠٧٩)، وقتيبة بن سعيد، ومَعن عند التّرمذيّ (١٧٧٤)، وابن وهب عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار (١٣٥٧).
(٢) وإلى هذا الكتيب أشار المؤلِّف في العارضة: ٧/ ٢٧٢ حيث قال: "قد كنا جمعنا جزءًا في أحاديث النَّعل وأبوابها" وقال في القبس: ٣/ ١١٠٤ "قد عقدنا فيه جزءًا نحوًا من عشرين ورقة، عقدنا فيه نحوًا من أربعين مسألة، ونحوًا من خمسين حديثًا، فليطلب هنالك".
(٣) كلامه في الأصول مقتبس بتصرُّف من الاستذكار: ٢٦/ ١٩٤.
(٤) المقصود هو الإمام ابن عبد البرّ، والمسألة التالية في الفائدةُ الأولى.
(٥) قاله أيضًا ابن رشد في البيان والتحصيل: ١٨/ ٥٣٩، وانظر التمهيد: ١٨/ ١٧٧.
(٦) وهذا ما أكده ابن رشد في البيان والتحصيل: ١٨/ ٥٣٩ عندما قال: "والنَّهيُ عن المشي في النعل الواحدة نهي أدبٍ وإرشادٍ لا نهي تحريم" ويقول القرطبي في المفهم: ٥/ ٤١٦ "ولا خلاف في أنّ أوامر هذا الباب ونواهيه إنّما هي من الآداب المكملة، وليس شيءٍ منها على الوجوب ولا الحظر عند معتبرٍ بقوله من العلماء".

<<  <  ج: ص:  >  >>