للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال علماؤنا: في هذا الحديث دليلٌ على أنَّ العَبْدَ يُعَذَّبُ على الجحد للفَضْلِ والإحسان وشُكْرِ المُنْعِمِ. وقد قيل: إنّ شُكْرَ المُنْعِمِ فريضةٌ.

الأصول (١):

اعلم أن الله تعالى خَلَقَ الجنَّةَ وخلقَ لها أَهْلًا، وخَلَقَ النَّار وخلَقَ لها أهلًا، ثمّ يسَّرَ كل أحدٍ لما خَلَقَهُ له، ويسَّرَهُ لعَمَل يُؤَدِّيه إليه وجَبَلَهُ (٢) عليه. فخَلَقَ المعصيةَ في النِّساء أكثر، ونُقْصَان الجِبِلَّة فيهن أَوْفَى. فيكون في هذا الحديث: أن العبدَ يدخلُ النّار بالمعاصي، وإن كان معه الإيمان، ردًّا على المرَجئة، وقد بَيَّنَّاه في موضعه.

[ما جاء في صلاة الكسوف]

مالك (٣)، عن هشام بن عُروَة، عن فاطمة بنت المُنْذِر، عن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ؛ أنّها قالت: أَتيتُ عائشةَ زوجَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حين خَسَفَتِ الشَّمسُ، فإذا النّاسُ قِيَامٌ يُصَلَّونَ، وإذا هي قائمةٌ تُصَلِّي. الحديث إلى آخره.

الفوائد المتعلِّقة بهذا الحديث:

الفائدة الأولى:

قال علماؤنا: إنّما أرادت أسماء بقولها: "أتَيتُ عَائِشَةَ حينَ خَسَفَتِ الشَمسُ" أن تُبَيِّنَ بهذا الحديث رَدّ قول من قال: إن الكسوتَ للشَّمس والخُسُوف للقمر، لقوله تعالى: {وَخَسَفَ الْقَمَرُ} (٤) رُوِيَ ذلك عن عروة بن الزُّبير في الآثار (٥) الثّابتة؛ أنّ الكسوف والخُسوفَ مقولان في الشَّمس والقمر جميعًا، فمنها حديث عائشة في هذا الباب؟ أنّهما آيتان من آيات الله لا يَخسِفَانِ لموتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ (٦). وكذلك رواه أبو بَكْرٍ، وأَنَس، وابن عمر، والمُغِيرَة، وشُعْبَة، وأبو مسعود الأنصاري، فلا معنى لإنْكَارِهِ.


(١) انظره في القبس: ١/ ٣٨٤.
(٢) جـ: "وحمله".
(٣) في الموطأ (٥١٠) رواية يحيى.
(٤) القيامة: ٨.
(٥) ف: "الأخبار".
(٦) أخرجه مالك في الموطأ (٥٠٧) رواية يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>