للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا (١): لِمَ يا رسولَ الله، أيَكفُرْنَ باللهِ؟ قال: "لَا، ولكن يَكْفُرنَ العَشِيرَ، ويَكفُرْنَ الأحْسَانَ".

تنبيه على وهم (٢):

قال الإمام: هكذا رواه يحيى: "وَيَكفُرْنَ العَشِيرَ وَيَكفُرْنَ الإحْسَانَ" بالواو، والمحفوظ فيه عن مالكٌ من رواية ابن القاسم (٣)، والقَعْنَبِىّ (٤) وابن وهب (٥)، وعامّة رواة "الموطَّأ" (٦):"يَكْفُرْنَ العَشِيرِ" بغير واو، وهو الصّحيح في الرِّواية في الظّاهر والمعنى.

نكتةٌ لغوية:

قال ابن السِّكِّيت وأهل اللُّغة (٧): العشير الخليطُ من المخالطة والمعاشرة، وعليه ينطلق قوله تعالى: {لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ} فالعشيرُ ها هنا هو الزَّوج، والكُفْرُ هو الكُفْرُ بإحْسَانِهِ.

وقد أَمَرَ اللهُ تعالى بشُكْرِ (٨) النِّعَم، وقد جاء في الحديث: "لا يَشْكُرِ اللهَ مَنْ لا يَشْكرِ النَّاسَ" (٩) وكُفْرُ نِعْمَةِ الزَّوج هو من باب كُفْرِ نعمة الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لأنّ كلَّ نعمةٍ تصل إليها أو يصل بها العَشِير زوجَهُ، فمن نِعْمَةِ الله أَجْرَاها الله على يَدَيْهِ، وهو معنى قوله: "يَكفُرْنَ الإحسَانَ"، أراد كفرهنّ حق الزَّوج ونعمة الله الّذي ينعم بها عليها، فهي تُعَذَّبُ على ذلك في النَّار.

وقد جاء في الحديث من طرق صحاح (١٠)، عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -؛ أنّه قال: "لا ينظر اللهُ إلى امرأةٍ لا تعرفُ حقَّ زوجِهَا، ولا تشكره، وهي لا تستغني عنه" (١١).


(١) الكلام التالي هو تتمّة لحديث الموطَّأ السابق ذِكرُهُ.
(٢) هذا التنبيه مقتبس من الاستذكار: ٧/ ١١٣.
(٣) كما في ملخص القابسي (١٧١).
(٤) في موطّئه (٣٥١).
(٥) كما في صحيح ابن خزيمة (١٣٧٧).
(٦) كسعيد بن سُوَيْد الحدثاني في موطّئه (٤١٥)، والزهري (٦٠٦) وغيرهما.
(٧) من هنا إلى آخر الآية الكريمة مقتبسٌ من الاستذكار: ٧/ ١١٤.
(٨) ف، جـ: "بنشر" ولعلّ الصّواب ما أثبتناه.
(٩) أخرجه أحمد: ٢/ ٢٥٨، وأبو داود (٤٨١١)، والترمذي (١٩٥٤) وقال: "هذا حديث صحيح" وابن حبّان (٣٤٠٧).
(١٠) ف: "طريق حسان".
(١١) أخرجه ابن عبد البرّ في التمهيد: ٣/ ٣٢٧ من حديث ابن عمر موقوفًا

<<  <  ج: ص:  >  >>