السًرِيَّةِ، فتباعُ الغنيمةُ، ويلزم كلِّ مبتاعٍ حفظُ ما ابتاعه، ويلزم البيع على من غاب من أهل الجيش.
ووجه ما قاله محمّد: أنّ الغنيمة لا تصحُّ قسمتها إِلَّا بعد الرّجوع إلى الجيش ويلزمهم حكم أميرهم.
الفصل الثّاني في بيان ما يقسم من الغنيمة وتمييزه
فالأصلُ فى ذلك: أنّ ما كان منها مباحَّا لكلِّ واحدٍ من الجيش أخذه من بلاد العدوِّ والاستبداد به، فإنّه على ضربين:
أحدهما: أنّ يكون مملوكًا في الأصل، ولكنّه مباحُ الانتفاع به للغذاء والقوّة، وسيأتي بيانه إنَّ شاء الله.
والثّاني: ما كان على حكم الأصل لم يملك بَعْدُ، وهو ينقسم قسمين:
أحدهما: مالًا يترك أكثره ويتموّل جميعُ ما يؤخَذ منه لنفاسته، كالجوهر والياقوت والعَنْبر، فإن هذا قياسُه على مذهب أصحابنا أنّه في كلِّه، لما ذكرناه كالنِّساء والصِّبيان.
والقسم الثّاني: أنّه يؤخذ من الجيش بعضُه وُيترَك أكثرُهُ، كالصّيد والخشب والحجارة، فإنّه يؤخذ منها ما يحتاج إليه من سرج أو رُخامة، وأمّا ما كان منه له قيمة بأرض العدوِّ ويخفّ حمله، كالبازي والصّقر، فالّذي عليه الجمهور أنّه يكون فَيئًا، وحكاه ابن حبيب عن مالك (١).
ووجه ذلك: أنّ له قيمة كثيرة بموضع الاستيلاء عليه، فوجب أنّ يكون فَيئًا كسائر ما يقسم.
(١) ذكره ابن أبي زيد فى نوادره: ٢٦١، وأضاف: "إِلَّا ابن القاسم فقال: كلّ ما نصّ [أي حصل وتيسَّرَ] من هذا ممّا عمله من شجرهم ورخامهم وترابهم، صار مغنمًا".