للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقول: لا جناح عليك ألَّا تقوم (١)، معناه: أنّ تفعل، ولا جناح عليك ألَّا تأكل، معناه: أنّ تأكل (٢).

صيامُ يوم عَرَفَة

الأحاديث (٣) في هذا الباب متعارضة.

الأصول (٤):

رُوِيَ عن النّبي - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "صيامُ يومِ عَرَفَةَ يكفّرُ ذَنوبَ سَنَةٍ قبلَه وسَنَةٍ بعده" (٥).

قال علماؤنا: إذا لم يجد قبله ذنوب عامين، فإن وجد قبله ذنوبَ عامين، كانا هما العامين اللّذين (٦) يكفّران، وذلك حثَّ النَّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - على صومه وإخباره عن فضله، فإنّه أفطر في حَجَّة الوداع وذلك لوجهين:

أحدهما: ألَّا يشقّ على أُمَّتِهِ.

الثّاني: أنّ فطره مستحبّ لمن كان حاجًّا، فإنّه أقوى له على الدُّعَاء والعبادة، فيكون ذلك تخصيصًا للحاجِّ من عموم الحديث، ويبقى الفضل لغير الحاجّ، والتّأويل الأوّل أشبه بمذهب مالك؛ لأنّه أدخل في الباب؛ أنَّ عائشة كانت تحجّ وتصوم يوم عَرَفَة حاجّة (٧)، كأنّها فهمت أنّ النَّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - إنّما أفطر خوفَ المشَقَّةِ.

الفقه في أربع مسائل:

المسألة الأولى (٨):

قال علماؤنا (٩): الفِطرُ يوم عَرَفة أفضلُ تأسِّيًا برسول الله - صلّى الله عليه وسلم - وقوَّةً على الدّعاء،


(١) لعلّ الصواب: "تفعل".
(٢) عبارة المؤلِّف في أحكام القرآن: ١/ ٤٧ أوضح، وهي: "اعلموا- وفقكم الله- أنّ قول القائل: لا جُناح عليك أنّ تفعل، إباحةٌ للفعل، وقوله: لا جُناح عليك ألَّا تفعل، إباحةٌ لترك الفعل".
(٣) الواردة في الموطّأ (١٠٩٩ - ١١٠٠) رواية يحيى.
(٤) انظر كلامه في الأصول في القبس: ٢/ ٥٧٥.
(٥) أخرجه - مع اختلاف في الألفاظ - مسلم (١١٦٢) عن أبي قتادة.
(٦) في الأصل: "اللّذان".
(٧) الحديث (١١٠٠) رواية يحيى.
(٨) هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: ١٢/ ٢٣١ - ٢٣٢.
(٩) المقصود هو الإمام ابن عبد البرّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>