للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصول (١):

قال علماؤنا (٢): في هذا الحديث علَمٌ من أعلام نُبُوَّتِه - صلّى الله عليه وسلم -: لأنّه أخبر عن غَيْبٍ وقع بعدَهُ، وذلك أنَّه فتحَ اللهُ على أُمَّتِه بُلدانَ المشرقِ والمغربِ من ديارِ الكفر، ودَرَّتْ بها الأرزاق، وعَظُمتِ الخيراتُ، وذلك كلُّه من خزائن رحمته. ووقع من الفتنِ بعده عليه السّلام مُنذُ قَتلِ عثمان إلى يومنا هذا ما لا يحيطُ بعلمه إِلَّا هو، ولن يزالَ الهَرجُ إلى قيام السّاعة.

مَا جَاءَ في إِسبالِ الرَّجُلِ ثَوْبَه

مالك (٣)، عَنْ عَبدِ اللهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبدِ اللهِ بنِ عُمَر؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "الَّذِي يَجُرُّ ثَوبَهُ خُيَلَاءَ، لَا يَنظُرُ الله إِلَيهِ يَومَ القِيَامةِ".

الإسناد:

الحديث صحيح: خرّجه الأيمّة (٤)، وزاد التّرمذيّ فيه: "لَا يَنظُرُ اللهُ إِلَى منْ جَرَّ ثوبهُ من خِيَلَةٍ يَوم القِيَامَةِ" (٥).

الأصول (٦):

قوله (٧): "لَا يَنظُرُ الله": قد تقدّم من قولنا في الكلام في الوعد والوعيد ما يُغني عن تكراره هاهنا. والقول فيه والمعوّلُ عليه: أنّ الله لا ينظر إليه في حالٍ دون حَالٍ، وفي وقت دون وقت.

فمن الأحوال: أنّ يكون يعتقد ذلك جائزًا، فيكون متكبِّرًا على الله أو الرّسول أو


(١) كلامه في الأصول مقتبس من الاستذكار: ٢٦/ ١٨٤.
(٢) المقصود هو الإمام ابن عبد البرّ.
(٣) في الموطَّأ (٢٦٥٤) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٩١٠)، وسويد (٦٩٠)، وابن
القاسم (٢٩٠)، والقعنبي عند الجوهري (٤٧٧).
(٤) من أمثال الأيمة: البخاريّ (٥٧٨٣)، ومسلم (٢٠٨٥).
(٥) الّذي في الجامع الكبير للترمذي (١٧٣٠): "لا ينظر اللهُ يومَ القيامة إلى من جرَّ ثوبَهُ خُيلَاءَ" والذي وجدناه قريبًا من لفظ المؤلِّف، ما أخرجه البيهقي في سننه: ٥/ ٤٩١ بلفظ: "من جرّ ثيابه خيلةً لم ينظر الله إليه".
(٦) انظر كلامه في الأصول في العارضة: ٧/ ٢٣٧.
(٧) وهو المسألة الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>