للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جوازَ بيع كلِّ بيعٍ إِلَّا ما قام الدّليلُ على رَدِّهِ حسَبَ ما تقدّم في القواعد.

وقد طالعتُ في كتب العلماء المُعَوَّلِ عليهم في المذاهب، فما رأيتُ أحدًا منهم فهِم هذا الباب كما ينبغي، ولا قرّره كما يجبُ، فاسْتَوْفَى معاقدَهُ على الكمال، إِلَّا محمّد بن عبدوسٍ (١)، فإنّه بيّنه ورتّبة على ستّة معاقد، وقعت منثورةً في كلام مالك، فجمَعَها وفَرَّعَ عليها فروعًا كثيرةً (٢).

الأوّل: ما يُحتسَبُ في الثّمن والرِّبح.

والثّاني: ما يُحتسَبُ في الثّمَنِ ولا يُحتَسَب في الرِّبح.

الثّالث: ما يُحتسب في عَقد واحدٍ في الشّرط ولا يُحتسَبُ بالإطلاقِ.

الرّابع: أنّ يَنعَقدَ البيعُ على الكذبِ.

الخامس: أنّ يَنعقِدَ البيعُ على الغِشَّ.

السّادس: أنّ يَنعَقِد البيعُ على عَيب.

ولكلّ واحد حُكمٌ ليس للآخر، وقد يجتمعُ الكذبُ والغِشُّ والعَيبُ في البيع في عَقدٍ واحدٍ، وقد يجتمعُ اثنان منهما في عَقدٍ، فتتعارضُ الأحكامُ، ولولا أنّ هذا "الكتابَ" على القواعدِ والأصولِ لا الفروع، لمهّدناها لكم.

بَابُ جَامِعِ الدِّيْنِ وَالحِوَلِ

قال الإمام (٣): الأصل في هذا الباب قوله -عليه السّلام-: "مَطلُ الغَنِيِّ ظُلمٌ" (٤) فإنّه


(١) هو الإمام محمّد بن إبراهيم بن عبدوس، من أكابر أصحاب سحنون، كان حافظًا للمذهب، متقدِّمًا فيه، غزير الاستباط، توني سنة: ٢٦٠، انظر أخباره في رياض النفوس للمالكي: ١/ ٤٥٩، وترتيب المدارك للقاضي عياض: ٤/ ٢٢٢ - ٢٢٨.
(٢) لعلّ المؤلِّف يقصد شرح ابن عبدوس لمسائل المدوّنة، هذا الكتاب الّذي يقع في أربعة أجزاء وشرح فيها - حسب القاضي عياض في ترتيب المدارك -٤/ ٢٢٣ - ٢٢٥، كتاب المرابحة وكتاب المواضعة، وتفسير كتاب الشفعة وكتاب الدور.
(٣) انظر هذا المدخل في القبس: ٢/ ٨٤٦ - ٨٤٧.
(٤) رواه مالك في الموطَّأ (١٩٦٨) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٦٧٤)، وسويد (٢٥٤)، وابن القاسم (٣٥٤)، والقعنبي عند الجوهري (٥٥٥)، والشّافعيّ في السنن المأثورة: ٢٧٧، والطباع عند أحمد: ٢/ ٤٦٥، وخالد بن مخلد عند الدارمي (٢٥٨٩)، والتنيسي عند البخاريّ (٢٢٨٧)، ويحيى بن يحيى النيسابوري عند مسلم (١٥٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>