للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلفوا في خروج السِّباع عنه. وقال علماؤنا: يجوز للمُحْرِم قتل السِّباع الأربعة المبتدئة بالضرر كالأسد والذِّئب والفهد والنّمر والكلب العَقُور وما في معناها (١)، ومن الطّير كالغُراب والحِدَأَة (٢)، على ما يأتي بيانه في الباب الّذي بعد هذا إنَّ شاء الله.

المأخذُ الثّالث (٣): قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} (٤).

وذلك ثلاثة أقسام: متعمّد، ومخطىء، ونَاسٍ.

فالمتعمِّدُ: هو القاصدُ إلى الصّيد مع العلّم بالإحرام.

والمخطىءُ: هو الّذي يقصد شيئًا فيصيب صيدًا.

والنّاسي: هو الّذي يتعمَّدُ الصَّيدَ ولا يذكر إحرامه.

واختلفوا في ذلك على ثلاثة أقوال:

الأوّل: أنّه يُحْكَم عليه في العَمْد والخطأ والنِّسيان، قاله ابنُ عبّاس (٥)، ويُروى عن عمر وعطاء (٦) والحسن والزّهري (٧).

والثّاني: إنَّ قتله متعمِّدًا لفعله (٨) ناسيًا لإحرامه، فأمَّا إذا كان ذاكرًا لإحرامه فقد حلَّ ولا حَجَّ له، ومن أخطأَ فهو الّذي يجزئ.

الثّالث: لا شيء على المخطىء والنّاسي، وبه قال الطّبري (٩) وابن حنبل في إحدى روايتيه.

واختلفَ الّذين قالوا بعدم الكفّارة في توجيه ذلك على أربعة أقوال:


(١) في الأصل: (معناه) والمثبت من الأحكام.
(٢) زاد في الأحكام: "ولا جزاء عليه فيه".
(٣) انظره في أحكام القررن: ٢/ ٦٦٨ - ٦٧٠.
(٤) المائدة: ٩٥.
(٥) أخرج هذا القول الطّبريّ في جامع البيان: ١١/ ١١ الأثر: ١٢٥٦٢ (ط. شاكر).
(٦) رواه الطّبريّ في جامع البيان: ١١/ ١١ الأثر: ١٢٥٥٩ (ط. شاكر).
(٧) زاد في الأحكام:"إبراهيم النّخعىّ"، وأثر ابن شهاب رواه الطّبريّ في الجامع: ١١/ ١١.
(٨) فِي الأحكام: "لقتله".
(٩) الّذي وجدناه في جامع البيان: ١١/ ٩٥ (ط. شاكر) وهر قول الطّبريّ: "فسواء كان قاتل الصَّيد من المحرمين عامدًا قتلَه ذاكرًا لإحرامه، أو عامدًا قتله ناسيًا لإحرامه، أو قاصدًا غيره فقتله ذاكرًا لإحرامه في أنّ على جميعهم من الجزاء ما قال رَبُّنَا تعالى ذِكْرُهُ، وهو مثل ما قتل من النّعم يحكم به ذوا عدل من المسلمين".

<<  <  ج: ص:  >  >>