للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظائره: حديث أنس بن مالك، قال: قال رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -: "مَا كَانَ الحَيَاءُ في شَيءٍ قَطٌّ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا كَانَ الفُحشُ فِي شَيءٍ قَطٌّ إِلَّا شَانَهُ" (١).

وعن أنس أيضًا، قال: قال رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -: "أَوَّلُ مَا يَنْزعُ الله مِنَ العَبدِ الحَيَاءُ، فَيَصِيرُ مَمقُوتًا مُمقَّتًا، ثُمَّ يَنْزعُ مِنهُ الأَمَانَةَ، فَيَصِيرُ خَائِنًا مُخَوَّنًا، ثُمَّ يَنْزعُ مِنهُ الرَّحْمَةَ، فَيَصِيرُ فَظًّا غَلِيظًا، وَيَخلعُ رِبقَةَ الإِسلَامِ من عُنُقِهِ، فَيَصِيرُ شَيطانًا لَعِينًا" (٢).

وهذا الحديث ضعيفُ الإسناد عند أهل الحديث (٣)؛ لأنّ في طريقه خراش وهو مجهول، والحديث بهذا اللّفظ لا يُعرَفُ إِلَّا من هذا الوجه (٤).

الأصول:

قولُه: "الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ" يريد ثمرته، والإيمانُ كسبيٌّ، والحياءَ غريزيٌّ، وإنّما قال النّبيّ -عليه السّلام-: "الحَيَاءُ مِنَ الإيمَانِ" لأنّ مِنَ الحياء يكون العَفَافُ وترك المعاصي، والمعاصي مثل الزِّنا وشُرب الخّمْرِ والغِيبَة مناقضةٌ للإيمان، فقال: "الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ" لأنّه مصاحبٌ للإيمان الّذي يكون منه الخير والعفاف، ومن الكفِّ عن المعاصي تمَّ إيمانُه، ومن الإيمان ما هو اعتقادٌ بالجنان، وفعل بالجوارح، وأداء الأركان.

وللإيمان (٥) أصولٌ وفروعٌ، فمِنْ أصولِهِ: الإقرارُ باللِّسان مع اعتقادِ القلب بما ينطق به اللِّسان من الشّهادة للرّحمان: لا إله إِلَّا الله، محمّد رسول الله؛ وأنَّ كلَّ ما جاء به عن ربِّه حقٌّ؛ من البعث بعد الموت، والإيمانِ بملائكة الله وكتبه ورسله، وكلَّ ما أَحْكَمَهُ


(١) ورد مُسْنَدًا في الاستذكار: ٢٦/ ١٣٨، والتمهيد: ٩/ ٢٥٧، والحدبث أخرجه عبد الرزّاق (٢٠١٤٥)، وأحمد: ٣/ ١٦٥، وعبد بن حميد (١٢٤١)، والبخاري في الأدب المفرد (٦٠١)، والتّرمذيّ (١٩٧٤) وقال: "هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إِلَّا من حديث عبد الرَّزّاق"، وابن ماجه (٤١٨٥)، وابن حبّان (٥٥١).
(٢) أخرجه ابن عبد البرّ في الاستذكار: ٢٦/ ١٣٨.
(٣) المراد بأهل الحديث هنا ابن عبد البرّ في الاستذكار.
(٤) تتمّة الكلام كما في الاستذكار: "والقطعة [وفي نسخة اللفظة] الّتي بهذا الإسناد كلّها لا يشتغلُ أهلُ العلم بها، منكرة عندهم موضوعة، والله أعلم".
(٥) من هنا إلى آخر الشرح مقتبس من الاستذكار: ٢٦/ ١٣٢ - ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>