للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام: يعني بذلك الجمعة دون غيرها.

قال بعض العلماء: كونُ الصّلاة هاهنا الجمعة معلومٌ بالإجماعِ لا مِنْ تفسير اللّفظ. وعندي أنّه معلومٌ من نفس الصّلاة لنكتة، وهي قوله: {مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} وذلك يُفِيدُه؛ لأنَّ النِّداء الّذي يختصُّ بذلك اليوم هو نداءُ تلك الصّلاة، فأمّا غيره (١) فهو عامٌ في سائر الأيام.

وقال بعضُ علمائنا: كان اسم الجمعة في العرب الأوّل عَرُوبَة، فسماها الجمعة كَعْب بن لُؤَيّ؛ لاجتماع النّاس فيها إلى كعب (٢).

المسألة الثّالثة (٣): قوله: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (٤).

اختلفَ العلماءُ في معناه على أربعة أقوال:

القولُ الأوّل - قيل: المرادُ به النِّية، قاله الحسن (٥).

القول الثّاني - قيل: إنّه العمل (٦)، كقوله تعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} الآية (٧). وكقوله: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} (٨) وهذا قول الجمهور.

القولُ الثّالث - قيل: المراد به السّعي على الأقْدَام (٩).

ويحتمل ظاهِرُهُ رابعًا: وهو الاشتدادُ والجَرْيُ، وهو الّذي أنكره الصّحابة

الأعلمون، والفقهاء الأقدمون، قرأها عمر {فامضوا} الآية (١٠)، فرارًا عن طريق


(١) في الأحكام: "غيرها".
(٢) انظر الروض الأنف للسهيلي: ٤/ ٩٨ (ط. الوكيل) وتهذيب الأسماء للنووي: ٣/ ٢٧، ٥١، وتاج العروس: ٥/ ٣٠٦ (ج م ع)
(٣) انظر القسم الأوّل من هذه المسألة في أحكام القرآن: ٤/ ١٨٠٤ - ١٨٠٥.
(٤) الجمعة: ٩.
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة: ٢/ ١٥٧ (ط. الهند) وأورده السيوطي في الدّرّ المنثور: ١٤/ ٤٧٧ (ط. هجر) وعزاه إلى سعيد بن منصور وعبد بن حُمَيْد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة (٥٥٥٦) عن عكرمة، وكذلك قول مالكٌ في الموطَّأ (٢٨٦) رواية يحيى.
(٧) الإسراءِ: ١٩.
(٨) الليل:٤.
(٩) أخرج عبد الرزاق (٥٣٤٧) عن عطاء أنّه فَسَّرَ الآية بقوله: "الذّهاب والمشيُ" وأخرجه أيضا عبدُ بن حميد، وابن المنذر، نصُّ عليهما السيوطي في الدُّرِّ المنثور: ١٤/ ٤٧٧ (ط. هجر).
(١٠) أخرجها أبو عبيد في فضائل القرآن: ١٨٥ - ١٨٦، وابن أبي شيبة: ٢/ ١٥٧ (ط. الهند) وذكرها ابن خالويه في مختصر في شواذ القرآن: ١٥٦. يقول ابن عبد البرّ في الاستذكار: ٢/ ٢٩٦ (ط. القاهرة): =

<<  <  ج: ص:  >  >>