للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصول (١):

عند علمائنا وعند أبي حنيفة والشّافعيّ (٢)؛ أنّ صلاةَ الجماعة من فروض الكفاية؛ لأنّها من شعار الدِّين، وليست عامة في جميع المسلمين، وعليها ترجم مالكٌ (٣) بقوله: " فَضْلُ صلاةِ الجماعةِ على صلاةِ الفَذِّ" ولولا أنّ صلاة الفَذِّ مجزئةٌ، ما كان بينها وبين صلاة الجماعة فضلٌ؛ لأنّ الفضلَ فرع الإجزاء، ومن المُمْتَنِعِ ثبوت الفرع مع عدم الأصل.

فإن قيل: لعلَّ المفاضلة تقع بينهما إذا كانت صلاة الفَذِّ عن عُذْرٍ؟

قلنا: هذا لا يجوز (٤).

الفقه:

قال الإمام في "العارضة" (٥): إنّ في صلاة الجماعة ثلاثة أقوال:

القول الأوّل: أنّها مستحبّة، وهو الأكثر، وعليه الجمهور الأعظم؛ لأنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - فاضَلَ بينها وبين صلاة الفَذِّ، ولم نجد بين صلاة الجمعة مفاضلة؛ لأنّها فرضٌ على كلّ أحَدٍ.

القول الثّاني: أنّها فرضٌ، قاله داود (٦) وأهل الظاهر (٧) الّذين لا معرفةَ لهم بأصول الشّريعة، ولا بخطاب النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -؛ لأنّها لو كانت فَرْضًا لما صَحَّ للفَذِّ صلاة، واحتجوا بحديث ابن أمِّ مَكتُومِ الّذي خَرَّجَهُ أبو داود (٨) ومسلم (٩)؛ إذ جاءه فقال: يا رسول الله، إنِّي رجلٌ ضرِير البَصَرِ، شاسع الدَّار، ليس لي قائد يقودُني، فهل لي من رخصة؟ قال: "لا". وقال الّذي حديث: "هل تسمعُ النِّداءَ؟ " قال: نعم، قال: "أَجِب" فجعلوها فَرْضًا بهذا الحديث.


(١) انظر كلامه في الأصول في القبس: ١/ ٣٠٤.
(٢) انظر اممام: ٢/ ٢٣٩ - ٢٤٨.
(٣) في الموطَّأ:١/ ١٨٨, الباب (٧٦)
(٤) تتمة الكلام كما في القبس: "لأنّ صلاة المعذور مساوية في الإجزاء لصلاة المقدور".
(٥) أي عارضة الأحوذي: ٢/ ١٦ - ١٧.
(٦) انظر رسالة في مسائل الإمام داود الظّاهري للشّطِّي: ١٢.
(٧) انظر المحلّى: ٤/ ١٩٢.
(٨) في سننه (٥٥٢) من حديث عبد الله بن مسعود.
(٩) في صحيحه (٦٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>