للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهلةٌ، والصّحيحُ ما حكاهُ عبد الوهّاب (١) أنّ الجمعة فرضٌ على الأعيانِ.

وفي "الدّاودي" (٢) عن طارق بن شهاب، عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -؛ أنّه قال: "الجُمُعَةُ حَقٌ وَاجِبٌ على كلِّ مسلمٍ إلَّا أربعة" الحديث.

شرح (٣):

قوله: "نَحْنُ السَّابِقُونَ" يريد بقوله -عليه السّلام-: "نَحْنُ الآخِرُون السّابقونَ" أنَّه

-عليه السّلام- آخر الأنبياء والرُسُلِ، وهو خاتم النَّبيِّين لا نَبِىَّ بعدَهُ.

وقوله: "السّابقون" يعني أنّه وأُمتّه يسبقون سائر الأُمَم بدخول الجنّة، وهو الشافِع ليقضي بين الخلائق يوم القيامة إذا اشتدَّ بالنّاس العَرَق، وطال بهم الوقوف، فيأخذ حَلْقَة الباب، فيومئذٍ يبعثه الله المقامَ المحمودَ، ويَحمَده أهل الجَمْع كلهم.

وأيضًا: فقد قال -عليه السّلام-: "إنّ أُمَّتِي أعطيت أجر أهل الكتابين: التّوراة والإنجيل" وحديث آخر: "إنّما أنا مثلكم فيمن خلا من الأُمَمِ قَبْلَكُم" الحديث (٤).

وقوله: "فهذا يَوْمُهُمُ الّذي فُرِضَ عَلَيْهِمْ، فاخْتَلُفوا فيه، فهدانا اللهُ إليه" قال بعض الأشياخ (٥): في هذا دليلٌ (٦) أنّ يوم الجمعة فرض عليهم بعَينِهِ فتركوه؛ لأنّه لا يجوز لأحدٍ أنّ يتركَ فَرْضَ الله تعالى ويكون مؤمنًا، وإنّما يدلُّ - والله أعلم- أنّ فَرْض يوم الجمعة وُكلَ (٧) إلى اختيارهم ليُقِيمُوا فيه شريعتهم، فاختلفوا في أيِّ الأيّام يكون ذلك، ولم يهدهم الله تعالى ليوم الجمعة، وذَخَرَهُ لهذه الأمّة وهداها له، تَفَضُّلًا منه عليها، ففضلت به سائر الأمَم، إذ هو خير يَومٍ طَلَعَت فيه الشّمس، وفَضلَهُ الله بساعةِ يُسْتَجَابُ فيهما الدُّعاء.


(١) في التّلقين: ٤٠.
(٢) أي في سنن أبي داود (١٠٦٧)، ومن طريقه البيهقي: ٣/ ١٧٢، كما رواه الحاكم: ١/ ٤٢٥ (ط. عطا) وصحّحه.
(٣) هذا الشرح مقتبس من شرح البخاريّ لابن بطّال ٢/ ٤٧٥ - ٤٧٦.
(٤) الّذي في شرح ابن بطّال: "فقد أخبر -عليه السّلام- أنّ أمّته أعطوا أجر الكتاببن: التّوراة والإنجيل، في حديث: إنّما مثلكم فيمن خلا من الأمم قبلكم" وهذا أسهل، والحديث أخرجه البخاريّ (٥٥٨) عن أبي موسى الأشعري".
(٥) هوالإمام ابن بطّال.
(٦) في النسخ: "في هذا دليل" والمثبت من شرح ابن بطّال.
(٧) في النسخ: "وكان" والمثبت من شرح ابن بطّال.

<<  <  ج: ص:  >  >>