للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، ويوجب الحجابَ، ويمنعُ من الخُلْطَة بالجماعة، فلا تنتظم منهنّ عُصبَة، ولا تنعقد منهنّ جماعة في جمعةٍ. بل إنّ الله أَذِنَ لهنّ في الجماعات على معنى التَّبَعِيَّة للرِّجال، رحمةً لهن، وتوسعةً في الأجر عليهنّ.

وأمّا الحريّة، فإنها أيضًا شرطٌ في وجوبها؛ لأنّ العبد مستَغْرِقٌ بخِدْمةِ سيّده استغراقًا حَجَبَهُ عن الشَّهاداتِ. وأمّا إنّ حَضَرَها العبدُ والمرأةُ كانا من أهلها, ولا تجوز إمامة العبد فيها (١)، ولا يلتفت إلى رواية من جوّزها (٢).

فأمّا القُدرَةُ، فلا خلاف فيها بين الأُمة؛ لأنِ المكلَّف إنّما يكلّف بشرط القدرة، والقدرةُ قد تتعذَّرُ على الإنسان، كالمرض والسّجن وما أشبه ذلك.

وأمّا الإقامةُ، فلا خلافَ فيها؛ لأنّ الله تعالى وضع عَنِ المسافر شطر الصّلاة، فكيف يتكلّفها ومن شرطها الخُطْبَةُ والإمامُ.

وأمّا القريةُ، فلا خلاف فيها، وهي مرتبطةٌ بالشرط السّابق الّذي قدّم؛ وليس لها قَدرٌ مُقَدَّرٌ، ولا يوجدُ لها في الشّريعة أثرٌ ولا دليلٌ، بَيْدَ أنَّ العلماء قالوا في ذلك قولًا صحيحًا، قالوا: إنّ التزمت جماعةٌ موضعًا يُمكِنُهم فيه الاستيطان، ويستغنون عن غيرهم، فقد وجبَ الأمرُ كما يجب.

وأمّا شروط الآدمي (٣)، وهي الإسلام، فصحيحٌ؛ لأنّ العبادةَ لا تصحُّ من كافرٍ، وقد وَهَلَ بعض العلماء، فجعل الإِسلامَ من شروط الوُجوبِ، ولا خلاف في مذهب مالكٍ وجميع الرُّواةِ عنه من أصحابه أنّ الكفّار مخاطَبُونَ بفُروع الشّريعة.

ومن شروطها: الخُطبة المعدودة المفصولة بجلوسٍ.

ومن شروطها: الإمامُ، ولسنا نعني به الأمير، وإنّما نعني به مَنْ يقيمُها؛ لأنّ الصّحابة أقامت الجُمُعَة وعثمان محصورٌ، واجتمع عثمان معهم على ذلك.

وقد قيل: إنّها من عمل الأُمراء تُصَلَّى خَلْفَ كلّ من قام بها.

وقد قيل: إنه يُصَلِّي لنا إِمامُ فِتْنَةٍ؟ فقال: الصّلاةُ أَحْسَنُ (٤) مَا يَفْعَلُ (٥)


(١) وهي رواية ابن القاسم، وصحَّحَها القاضي عبد الوهّاب في الإشراف: ١/ ١٣٥ (ط. تونس).
(٢) وهي رواية أشهب، كما في المصدر السابق.
(٣) في القبس: "الأداء".
(٤) ص: "خير".
(٥) في البخاريّ: "يعمل".

<<  <  ج: ص:  >  >>