للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: نزلت في استِقبَالِ بيت المَقدِسِ حين عاتَبَهُ اليهود (١).

الثّاني - قيل: نزلت في شأن النَّجَاشي (٢).

الثّالث - قيل: نزلت في نافِلَةِ السَفَر (٣).

وهي كلُها أقوالٌ ضعيفةٌ، وأصَحُّها أنّها نزلت في شأن قِبْلَةِ المسجد الأقصى.

وعمومُ الآيةِ يَقَعُ فيمن اجتهدَ فأخطأَ فصلَّى إلى غير القِبْلَةِ، والمسألةُ عظيمة المَوقعِ (٤). قال مالك وأبو حنيفة (٥): تُجْزِئْهُ (٦). وقال الشّافعيّ لا تُجزِئْهُ (٧). والمسألةُ تُبْنَى (٨) على أنَّ كلَّ مجتهدٍ مصيب أم لا؟ وعندي أنّ كلَّ مجتهدٍ مصيبٌ، كما بينَّاه في "المحصول" (٩).

المسألة الخامسة:

فإن قيل: لِمَ جُعِلَتِ الصّلاةُ للكَعْبَةِ؟

قلنا: لفَضْلِها، ولذلك شُرِعَت إليها الصّلاة. وإنّما جُعلتِ الصّلاة لجِهَةِ واحدةٍ لتَوَفر (١٠) الهِمَّة وتغلّب الخُشوع، ولو جعلَ اللهُ الصلاةَ إلى جهاتٍ، لما كان فيها من الوَقَار والسّكينة ما في الجِهَةِ الواحدة؛ لأنّ الارتباط إلى شيءٍ واحدٍ أوفَر للنَّفْسِ وأجمع.


(١) قاله ابن عبّاس، نصّ على ذلك المؤلِّفُ في الأحكام: ١/ ٣٤.
(٢) قاله قتادة، نصّ على ذلك المؤلِّف في المصدر السابق.
(٣) قاله ابن عمر بسَنَدِ صحيح نصّ على ذلك المؤلِّف في المصدر السابق، واعتبر أنّ هذا القول قويٌّ في النَّظَر.
(٤) راجع أحكام القرآن: ١/ ٣٤ - ٣٥.
(٥) انظر كتاب الأصل: ١/ ٢٢١، ومختصر الطحاوي: ٢٦.
(٦) يقول المؤلِّف في الأحكام: ١/ ٣٤ "بَيْدَ أنّ مالكًا رأى عليه الإعادة في الوقت استحبابًا ... وما قاله مالك أصحّ؛ لأنّ جهَة القِبْلَة تبيحُ الضّرورة تركَها فيِ المسايفة، وتُبيحها أيضًا الرُّخصة حالةَ السَّفَر، فكانت حالة عُذرٍ أشبه بها؛ لأنّ الماء الطّاهر لا يببح تركه إلى الماء النّجس ضرورةٌ فلا يبيحُه خطأ".
(٧) الآن القبلةَ شرطً من شروط الصّلاة، فلا ينتصبُ الخطأ عُذرًا في تركها، كالماء الطّاهر والوقت" قاله المؤلِّف في الأحكام: ١/ ٣٥.
(٨) غ: "تنبني".
(٩) اللوحة ١/ ٦٤ يقول رحمه الله: "وقد اختلف النّاس فيه اختلافًا متباينًا، عمدتُه: أنّ قومًا قالوا: إنّ كلّ مجتهد في الفروع مصيبٌ، وهو قول العلماء. ومنهم من قال: الحق لي قول بعضهم، وإليه يميل الضّعفاء بجهلهم بالطريقة، والصحيح: كُل مجتهد مصيب".
(١٠) غ: "لتوفير".

<<  <  ج: ص:  >  >>