للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسمَّى لباسًا، ألَّا ترى إلى قوله: "قد اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ".

الفائدة الرّابعة (١): في نَضْحِ الحصير

للعلماء فيه كلامٌ طويلٌ، لبابه وجهان:

أحدهما: أنّه إنّما فعل ذلك لِيلينَ الحصير لا لنجاسةٍ فيه. قال ذلك إسماعيل القاضي وجماعة من أصحابنا.

الثّاني: قال علماؤنا: إنّ النَّضْحَ طهارةٌ لما شكَّ فيه لتطيب (٢) النّفس عليه، اتِّباعًا لعمر في قوله: "أَغْسِلُ مَا رَأَيتُ، وأَنْضِحُ ما لم أَرَ (٣) " (٤).

تركيب (٥):

وتركّب على هذا ثوب المسلم، أمّا ثوب المسلم فمحمولٌ عندنا على الطّهارة حتّى يتيقَّن النّجاسة، وأنّ النَّضْحَ فيما يُحْبَس (٦) لا يزيدُه إلّا تنجيسًا (٧). وقد يسمَّى الغسل نَضْحًا، وقد ذكرنا في ذلك مَنْ قَصَدَ بالنَّضْحِ الّذي هو الرَّشُّ إلى قطع الوسوسة وحزازة النَّفْسِ فيما شكَّ فيه، اتِّباعًا لعمر وغيره من السَّلَفِ، واتِّباعًا للأصل في الثّوب أنّه على طهارته محمولٌ حتّى نَضْحِ النّجاسة، إلَّا أنّ في النَّفسِ شيئًا من ذلك يُقْطَعُ بالرَّشَّ (٨)، على ما قدجاء من الفعل لاحَرَجَ عليه فيه.

نكتةٌ لغوية (٩):

وأمّا قوله: "النّضخ" بالخاء، فالنَّقطُ فيه أشهر، يدلُّ على ذلك قوله تعالى: {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} (١٠).


(١) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: ٦/ ١٥٣ بتصرّف، وانظر التمهيد: ١/ ٢٦٥.
(٢) في الاستذكار والتمهيد: "لتطييب".
(٣) في النُّسَخِ: "تر" والمثبت من الاستذكار والموطَّأ.
(٤) أخرجه ضمن كلام طويل مالكٌ في الموطَّأ (١٢٥) رواية يحيى.
(٥) هذا التركيب مقتبسٌ من الاستذكار: ٦/ ١٥٣ بتصرّف.
(٦) في النسخ: "نجس" والمثبت من الاستذكار.
(٧) في الاستذكار والتمهيد: " إلّا شرَّا".
(٨) في الاستذكار: "إلَّا أنّ يكون في النّفس فيما شك فيه اتِّباعًا شيء من الشك يقطع بالرَّشِّ".
(٩) الفقرة الأُولى مقتبسة من الاستذكار: ٦/ ١٥٣ - ١٥٤. والباقي مقتبسٌ من تفسير الموطَّأ للقنازعي: الورقة ٣٣.
(١٠) الرحمن: ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>