للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْرُه، والأحسن أنّ مالكًا - رحمه الله - منع السّلام بالاشارة؛ لأنّ الأصل يقتضي ذلك. فوردَ النَّصُّ في الصَّلاة من النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - وبَقِيَ الأذانُ على الأصل.

وسمَّى الأصوليّون هذه المسألة "ضد المقتضَى" (١) ولذلك كان الكلام في الصَّلاة بَدَلًا، ولم يكن فيها بَدَلٌ (٢)، وهذا كما قلنا: إنّ غسلَ الجنابة شرطٌ في صحَّةِ الصّلاة، وغسلَ الجمعة ليس بشرطٍ في صحّتها، وهما مشروعان. فكان للغسل من الجنابة بَدَلٌ وهو التّيمُّم، ولم يكن لغُسْلِ الجمعة بَدَلٌ، فكذلك في مسئلتنا.

حديث مالك (٣)، عن رَبِيعَةَ، أنّ ابنَ عمر كان إذا دخل المسجد، أو جاءَ المسجدَ، وقد صلَّى النَّاسُ، بدأَ بالصّلاةِ المكتوبةِ، ولم يصلِّ قَبلَها شيئًا.

الفقه في ثلاث مسائل:

المسألة الأولى (٤):

قال الإمام: وإلى هذا ذهب جماعةٌ من أهل العلم قديمًا وحديثًا، ورخَّص آخَرون في الرُّكوع قبل المكتوبة إذا كان وقتٌ تجوزُ له فيه الصّلاة، وكان فيه سَعَةٌ، فإنه يركعُ ركعتين تحيَّةَ المسجدِ، ثمّ أقام الصَّلاة، فإنّه مباحٌ له، وذلك حسنٌ.

وقد رُوِيَ ذلك عن مالكٌ؛ أنّه قال: إذا كان في الوقتِ سَعَة. وأمّا المسجد وقد صُلِّيَ فيه، فلا بأسَ أنّ يتطوَّع قبل المكتوبة، وهو أيضًا قول أبي حنيفة والشّافعيّ وداود. وقال الثَّوْريُّ: يبدأ بالمكتوبة ثمّ يتطوّع ما شاءَ. وقال الحسن (٥): يبدأ بالفَريضةِ ثمَّ يتطوَّع بعدَها.

المسألةُ الثّانية (٦):

قال اللّيثُ: كلُّ واجبٍ من صلاةِ فريضةٍ، أو صلاةِ نَذْرٍ، أو صيامٍ، بدأَ بالواجبِ قبلَ النَّفْلِ.

وقد رَوَى ابنُ وَهبٍ عنه خلاف هذا؛ قال في الّذي يُدْرِكُ الإمامَ في قيام رمضان


(١) هنا تنتهي الزيادة.
(٢) الّذي في المنتقي: "فلذلك كان للكلام في الصَّلاة بَدَلٌ، ولم يكن للكلام في الأذان والتلبية بَدَلٌ".
(٣) في الموطّأ (٤٦٥) رواية يحيى.
(٤) هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: ٦/ ٢٩٠ - ٢٩١.
(٥) في الاستذكار: "الحسن بن حيٍّ".
(٦) هذه المسألة مقبسة من الاستذكار: ٦/ ٢٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>