للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعرض التوقّف ويثور السؤال الَّذي يقتضي البيان، ولذا كان يزيدُ فيه وينقصُ منه حسبَ ما يبدو له في كلّ دورٍ من أدوار التسميع المختلفة، فاختلفت نُسَخُ "الموطَّأ" ترتيبًا وتبويبًا، وزيادة ونقصًا، وإسنادًا وإرسالًا، على اختلاف مجالس المستَمْلِين، فمنهم من سمع عليه "الموطَّأ" سبعَ عشرةَ مرّة، أو كثر أو أقل، بأن لازَمَهُ مُدَدًا طويلةً تسَعُ تلك المرات، ومنهم من سمعه عليه في ثمانية أشهر، ومنهم من سمعه في أربعين يومًا. وكان الإمام يعرف ما عاناه في تأليف الكتاب من جهد جهيد؛ فكان يطمح إلى أن يُقابَل بالصبر والتَّأني من المتلَقِّين، فلذلك نراه برمًا كن يتعجَّل التحمُّل، عاتبا على من لا يطيل في أيام الرِّواية، فيقول: "كتاب ألَّفته في أربعين سنة: أخذتموه في أربعين يومًا! ما أقلَّ ما تفقهون فيه .. ! " (١).

ومنازل هؤلاء المستمْلِين تتفاوتُ فهمًا وضبطًا، وضعفًا وقوّةً، فتكون مواطن اتّفاقهم في الدّروة من الصِّحَّة عن مالك، ومواضع اختلافهم وانفرادهم متفاوتةً المنازل حسب ما لهم من المقام في كتب الرِّجال (٢). وقد تكفَّلت كتب اختلاف الموطآت بإبراز ما فيها من فروق، ترجع مرَّة إلى التقديم والتأخير، أو إلى عدد الأحاديث أو طبيعتها من حيث كونها من المرفوعات أو الموقوفات أو المقاطع، أو من حيث كونها متصلَّة أو مرسلة.


(١) عن ترثيب المدارك: ١/ ٧٥.
(٢) مقدمة محمّد زاهد الكوثري لأحاديث "الموطَّأ" للدارقطني: ٣ - ٤ (ط. مكتب نشر الثقافة الإِسلامية للسيَّد عزت عطار الحسيني، القاهرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>