للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السماوات والأرض؟

قلنا: حضرتُ يومًا مجلسًا جرى فيه السُّؤالُ، فقال بعض الأشياخ: "صقلَ اللهُ له الحائطَ، ثم كشفَ له الحُجُبَ، فتمثَّلَت له الجنَّة والنَّار في ذلك الجِرْمِ الصَّقِيلِ" فهذا تقصير (١) عَظيمٌ، وذلك وإن كان جائزًا في حُكمِ الله وهو دون قُدْرَتِه، ولكن لا تَدعُو الحاجةُ إليه، وإنّما يُعدَلُ عن الظَّواهر إذا خَالَفَتْهَا أدلّة العقول.

وقوله: "في عَرْضِ الحَائِط" متعلّقٌ بقوله: "رَأَيْتُ" كما قال (٢): (وَجَدَهَا تَغْرُبُ في عَينٍ حَمِئةٍ" (٣).

فقيل: {فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} متعلق جـ {وجدها}، لابـ {تَغْرُبُ}، كما تقول: غَرَبتِ الشّمس في البَحْرِ، وذلك مجازٌ ما رأَتْه العين، وغاية ما أَدْركَهُ البصر. والقولُ الأوَّل أصحّ.

وأمّا الثّاني، يجوز أنّ يكون قوله: {في عَين حمَئَة} متعلقًابـ: {تَغرُبُ}.

نكتةٌ فقهية لغوية (٤):

قوله في الحديث (٥): "رَأَينَاكَ تنَاوَلْتَ مِنْهَا شَيئًا ثُمَّ تَكَعْكَعْتَ" معناه عند أهل اللُّغَةِ: احْتَبَسْتَ وتَأَخَّرْتَ. ومعناه عند الفقهاء: تقهقرت، والمعنى واحدٌ (٦).

الفائدة الثّامنة (٧):

قوله (٨): " تَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا، فَلَوْ أَخَذْتُهُ لأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنيَا".

قال علماؤُنا: وإنّما ذلك؛ لأنّ طعام الجنَّة مخصوصٌ بصِفَتَيْنِ:

إحداهما: عدم التَّغيير والاستحالة.


(١) تقصير، زيادة من القبس.
(٢) قال، زيادة من القلبس.
(٣) الكهف: ٨٦.
(٤) هذه النكتة مقتبسة من الاستذكار: ٧/ ١١١.
(٥) أي حديث الموطَّأ (٥٠٨) رواية يحيى.
(٦) انظر مشارق الأنوار: ١/ ٣٤٤.
(٧) انظرها في القلبس: ١/ ٣٨٣ - ٣٨٤.
(٨) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>