للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سورةَ الفُرقانِ على حُرُوفِ لم تقْرئنِيهَا وأَتتَ أَقْرَأْتَنِي سورةَ الفُرْقَانِ. فَبَانَ أنّ الخلافَ بين هشام وعمر كان في حروفٍ من السُّورَةِ، وهذا تفسير لروايةِ مالكٌ؛ لأنّ ظاهرَ ما في قوله: "يَقْرَأُ سورةَ الفرقانِ" يقتضي عموم السّورة كلِّها، وليس كذلك، وقد ظهرَ الخصحوصُ برواية مَعْمَر ومَن تَابَعَهُ، فارتفعَ الإشكالُ، والحمدُ لله.

وأيضًا: معلومٌ عند الجميع أنّ القرآنَ لا يجوز في حروفِهِ كلها (١) ولا في سورةِ منه أنّ يَقْرَأَ أَحَدٌ حروفها كلّها على سَبْعةِ أَوْجُهٍ، بل لا توجد في القرآن كلّه كلمة تُقْرَأُ على سبعة أَوْجُهٍ إلَّا قليلًا، مثل قوله: {رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} (٢) وقوله: {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} (٣) وقوله: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} (٤) وكقوله: {بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} (٥) ".

الأصول:

قوله (٦): "إنّ هَذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ".

أمّا نزولُ القرآن، فإنّه رُوِيَ عن ابن عبّاس؛ (٧) أنّ القرآنَ أُنْزِلَ إلى السَّماء الدُّنيا جملة، نزل به رُوحُ القُدُس الأمين، ونجَّمه عليه. واحتجَّ بقوله عن الّذين كفروا {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} (٨) فكان نزولُه على قَدْرِ الحَاجَةِ إليه حتّى أَكمَلَهُ اللهُ تعالى.

المسألة الثّانية:

قوله: "إنَّ هَذَا القُرْآنَ" اعلم أنّ القرآنَ لا يتحدّد معناهُ، ولا يتقدَّر مقتضاه، فقد يُرَادُ به الكلام القديم الموجود بذَاتِ الرَّبِ تعالى.

وقد يُرَادُ به القراءة الحادثة، كما قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} (٩) وقد يضاف إليه من حيث إنّه موجودٌ بذاتِهِ وصفةٌ من صفاتِهِ.


(١) غ، جـ: "كله" والمثبت من الاستذكار.
(٢) سبأ: ١٩.
(٣) المائدة: ٦٠.
(٤) البقرة: ٧١.
(٥) الأعراف: ١٦٥.
(٦) في حديث الموطّأ (٥٤٠) رواية يحيى.
(٧) أخرجه بنحوه النسائي في الكبرى (٧٩٣٥ - ٧٩٣٧).
(٨) الفرقان: ٣٢.
(٩) القيامة: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>