للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفة: لا يُصلّى فيها ولا يُسجد (١). فتعلق (٢) بالقول الأوّل لعموم الأمر، والقولُ الثّاني أَقوَى؛ لأنّ الأمر بالسُّجود عامٌّ بالأوقات، والنَّهْيَ خاصٌّ في الأوقات، والخاصُّ يَقْضِي على العامِّ.

وقد رُوِيَ عن مالكٌ في "المدوّنة" (٣) أنّه يصلِّيها ما لم تصفرّ الشّمس، وهذا لا وَجْهَ له عند أهل العِلْمِ.

ورُوِي عن ابن القاسم (٤)؛ أنّه أَرْخَصَ في السُّجودِ لها بَعْدَ العصرِ ما لم تصفرّ الشّمس.

وقال ابنُ حبيب: يسجد لها بعد الصُّبح ما لم يسفر، وبعد العصر ما لم تصفرّ الشّمس، كصلاة الجنائز.

ووجهُ قول ابن حبيب: ما احتجَّ به من طواف الطّائِفِ بعد الصُّبح أنَّه يجوزُ له أنَّ يركع بعد الصُّبح ما لم يسفر، ولا يجوز له ذلك بعد العصر (٥).

والّذي انْطوى عليه موطَّأ مالك - رحمه الله - الّذي هو معظمُ عِلْمِهِ ومَذْهَبِه؛ أنَّه لا يسجد في شيءِ من هذه الأوقات، قياسًا على النَّوافِلِ، ويعضده الأثر والخَبَر، ومذهبُه قَوِيٌّ في البابِ، واللهُ أعلم.

المسألة الخامسة: في معرفة مواضع السُّجود أَيْنَ يكون

فقال الشّافعيّ (٦): السُّجودُ في آخر الحَجِّ، وهي المسألة الثّانية. وهي سجودُ عزيمةٍ عندَهُ وعند ابن وَهْبٍ من أصحاب مالك.

وفي "النَّمْل" قال الشّافعيّ السّجدة (٧) عند قوله: {وَمَا تُعْلِنُونَ} (٨) عند تمام الآية الّتي فيها الأَمْر.


(١) انظر المبسوط: ١/ ١٥٢.
(٢) جـ: "متعلّق".
(٣) ١/ ١٠٥ في ما جاء في سجود القرآن.
(٤) في المدونة: ١/ ١٠٥.
(٥) القولان السّابقان استفادهما المؤلِّف من المنتقى: ١/ ٣٥٢.
(٦) في الأم: ١/ ١٣٧ (ط. دار المعرفة).
(٧) جـ: "السجود".
(٨) النمل: ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>