للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأفضل ممّا جاء به، إلَّا من جاء بأكثر من ذلك، ولكنه أفاد (١) بذلك أنّ هذا غاية في بابه. ثم قال: "إِلاَّ رَجُلٌ (٢) عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذلك، لئَلّا يظنّ السّامع أنَّ الزِّيادةَ على ذلك ممنوعة كَتَكْرَارِ العمل في الوُضوءِ.

ووجه ثانٍ: وهو أنّه يحتمل أنّ يُريدَ أنّه لا يأتي أحدٌ من سائر أبواب البِرِّ بأفضل ممّا جاء به، "إلّا رجلٌ عمل أكثر من ذلك" أي من عمله (٣).

الحديث الثّاني: مالك (٤)، عن سُمَيٍّ مَوْلَى أبي بكرٍ، عن أبي صالحِ السَّمَّانِ، عن أبي هريرةَ؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ قال سُبْحَانَ الله وبِحَمْدِهِ في يَوْمِهِ (٥) مِئَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ عنه (٦) خَطَايَاهُ وإنْ كانت مِثل زبَدِ البَحْرِ".

إسناده:

حسن صحيح مُتَّفَقٌ عليه (٧)، وفيه فوائد:

الفائدة الأولى:

قوله: "مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ" أمّا سبحانَ الله، فهو اسمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ المَصْدَر، وقيل: هو مصدرٌ جاءَ على غيِر الفعل. ومعناه: تنزيه الله تعالى، كانّه قال: أُنزِّه اللهَ تنزيهًا وأُسَبِّحُه تسيحًا.

وقوله: "بحَمْدِهِ" لانّ الحمد لا ينبغي إلّا لله على الحقيقة.

وقيل: إنّه تفعيلٌ، مِن سَبَّحَ يُسبِّحُ تسبيحًا، وهو مصدر كما تقدَّمَ لغةً.

نكتةٌ أصولية (٨):

قوله (٩): "غُفِرت ذُنُوبُهُ ولَوْ كَانَت مِثْل زَبَدِ البَحْرِ" اعلموا -وفقكم الله- أنّ غُفْرَانَ السَّيِّئاتِ يكون بثلاثة أَوْجُهٍ:


(١) غ: "أراد".
(٢) في الموطّأ: "أحد".
(٣) في المنتقى: "إلّا رجل عمل من هذا الباب أكثر من عمله".
(٤) في الموطّأ (٥٦١) رواية يحيى.
(٥) في الموطّأ: "في يوم".
(٦) "عنه" زيادة من الموطّأ.
(٧) أخرجه البخاريّ (٦٤٠٥)، ومسلم (٢٦٩١).
(٨) انظرها في القبس: ٢/ ٤٠٧ - ٤٠٨.
(٩) أي قول أبي هريرة في الموطَّأ موقوفًا (٥٦٢) رواية يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>