للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زكريَّاء عن أبي سُهَيْل (١). والكلام عليه مثل ما تقدَّم من غُفْرَان الذُّنوب، فلا معنَى للتَّطوِيل، إلَّا أنّه يتعلَّق به من الشَّرح أربع معانٍ:

المعنى الأوّل (٢): ختم المئة جـ: لا إله إلَّا اللهُ، وذلك أنّ قوله: "لا إله إلَّا اللهُ" نفي لكلِّ إله سواهُ بجميع المعاني، وقوله: "وَحْدَهُ" تأكيد للنَّفْيِ من كلِّ وَجْهٍ وقوله: "لا شَرِيكَ لَهُ" إشارة إلى نفي أنّ يكون هو جعله مُعِينًا أو ظهَيرًا، كما كانت العرب تقول: لَبَّيْكَ لا شرِيكَ لكَ، إِلاّ شريكًا هُوَ لَكَ، تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ (٣).

الثّاني (٤) - قوله: "لَهُ المُلْكُ " بيانٌ أنّ له الخَلْق والتّصريف والتّكْلِيف، والهداية والإضلال، والثّواب والعقاب، و"المُلْكُ" عبارة عما يتصرَّف في المخلوقات من القضايا والتَّقّديرات.

الثّالث (٥) - قوله: "وَلَهُ الحَمْدُ" بيانٌ بأنّ الخبر بوجود (٦) ذلك راجعٌ إليه، والثناء فيه عائدٌ عليه؛ لأنّه لا يجب الحمدُ على الإطلاق والحقيقة إلَّا لَهُ.

الرّابع (٧) - قوله: "وَهُوَ عَلى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٍ" فيه بيانٌ ودليلٌ واضحٌ ألَّا قُدْرةَ لمخلوق من خَلْقِهِ، بَلِ القُدْرَةُ له في كلِّ ما ذَرَأَ وَبَرَأَ، وليست قُدْرَتُه فيما ظَهَرَ خاصّة، بل هو قادِرٌ على ما ظَهَرَ ومَا لَمْ يظهر، وعلى ما وُجِدَ وما لم يوجد (٨).

وأمّا قوله: "غُفِرَت ذُنُوبُه وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زبَدِ البَحْرِ" فإنّه قد تقدَّمَ الكلامُ عليها بالموازنة، أو بالمغفرة ابتداءً، أو بالشّفاعة، أو هي غفران الصَّغائر دون الكبائر.

الحديث الرّابع: مالك (٩)، عن عُمَارَةَ بن صَيَّادِ، عن سعيدِ بن المُسَيَّبِ؛ أنَّه سَمِعَهُ يقولُ في البَاقِيَاتِ الصّالِحَاتِ: إنّها قولُ العَبْدِ: اللهُ أَكبَرُ، وسُبحَانَ اللهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه (٥٩٦) برقم فرعي (١٤٥).
(٢) انظره في القبس: ٢/ ٤٠٧.
(٣) انظر قولهم في صحيح مسلم (١١٨٥)، وسنن البيهقي: ٥/ ٤٥.
(٤) انظره في القبس.
(٥) انظره في القبس.
(٦) غ: "بيان بأن الحمد لله، وفي القبس: "بيان بأن الخير" وفي القبس [ط. الأزهري: ٢/ ٧]: "بيان بأن وجود".
(٧) انظره في القبس: ١/ ٤٠٧.
(٨) جـ: " ... وعلى ما لم يظهر ... وعلى ما لم يوجد".
(٩) في الموطّأ (٥٦٣) رواية يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>