للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألَّا كلِّ شيءٍ مَا خَلاَ اللهَ باطِلُ ... وكلُّ نعيم لا محالةَ زَائِلُ

وهي: الرّابعة والخامسة.

الفائدة السّادسة (١):

قوله: "لك أسْلَمْتُ" وهو متعدِّي سَلِمَ، وله معان كثيرة بيَّنَّاهَا في "النَّيِّرَيْنِ" وفي "الكتاب الكبير" ومعناه ههنا: نفيتُ ما سواكَ. وكذلك: "آمَنْتُ" متعدِّي آمن، ومعناه: على هذا: بك أخذتُ الأَمْنَ ورَجَوْتُه، وإلى هذا يرجعُ "صدقت" الّذي يظنُّ الناسُّ أنّه معنى "آمن"، نعم هو معناه بالمجاز (٢) في الدَّرجة الثّانية.

وقال القاضي أبو الوليد الباجي (٣): "قولُه "وَبِكَ أسْلَمْتُ" معناه: انْقَدْتُ. وقوله: "وبِكَ آمَنْتُ" ظاهِرُهُ أنَّ الإيمانَ ليس (٤) بحقيقة الإسلام، وإنّما الإيمان التّصديق، وقد وهم فيه القاضي أبو بكر بن الطيِّب الباقلاني قال: الإيمان هو المَعْرِفَة باللهِ (٥)، والأوّلُ أَشهَر في كلامِ العَرَبِ، قال الله تعالى {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} (٦) ".

الفائدة السابعة (٧):

قوله: "وعليكَ تَوَكَّلْتُ"، البارئ تعالى وكيل الخَلْقِ، أَلْفَوْا إليه بمقاليدِهِم، وتَخلَّوْا له عن آرائهم وأفعالهم، إلّا ما أَذِنَ لهم فيه من العملِ والسَّعيِ في تحصيل المنافع، فإنْ أَسقَطُوا ما أَذِنَ لهم فيه من ذلك فهو التَّفْوِيضُ.

الفائدة الثامنة:

قوله: "وإليهَ أَنَبْتُ" قال علماؤنا: الإنابةُ: الرُّجوعُ إلى الخير، قال الله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ} (٨) أي: ارجعوا وعاودوا التَّوْبَة.

وقيل: أنيبوا، أي أخلصوا لِلهِ وارْجِعُوا إليه.


(١) انظر الفقرة الأولى من هذه الفائدة في القبس: ٢/ ٤١٨.
(٢) في القبس: "معناه ولكن بالمجاز".
(٣) في المنتقى: ١/ ٣٥٩.
(٤) "ليس" زيادة من المنتقى.
(٥) الّذي في رسالة الحُرَّة [الإنصاف] للباقلاني: ٥٥ أنّ الإيمان هو التّصديق.
(٦) يوسف:١٧.
(٧) انظرها في القبس: ٢/ ٤١٨ - ٤١٩.
(٨) الزمر: ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>