للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الأولى: النّعي للميِّت

روى الواقديّ، قال: نَعَى النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - للنَّاسِ النَّجَاشِي في اليوم الّذي مات فيه (١)، وذلك في رَجَب سنة تسع من الهجرة (٢)، فكان ذلك من أَعْلاَمِ نُبُوَّتهِ - صلّى الله عليه وسلم -، وذلك لما بينَهُما من الثَّغرِ بين أرض الحجاز وأرض الحَبَشَةِ.

ومِثْلُه إذ أخبر بقتل زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رَوَاحَة، وقد بيّنّاها وشرحناها في جملة المعجزات في "الكتاب الكبير".

المسألة الثّانية (٣):

قال علماؤنا (٤): النَّعيُ هو الإخبار بموته، وهذا النَّعْي غير محظور، وأمّا النَّعيُ الّذي معناه الصُّراخ والصّياح فإنّه محظورٌ، ولذلك كره مالك الانذار بالجنازة على أبواب المساجد والأسواق؛ لأنّه من النَّعْيِ. وقال علقمة بن قيس: الإنذار بالجنازة من النّعي، والنّعي من أمر الجاهلية.

العارضة:

قال الإمام: النّهي غير صحيحٌ؛ لأنّه - صلّى الله عليه وسلم - أعلم وأخبر بموت النّجاشي (٥) واسمه أصحمة وهو ملك الحبشة، وكان آمن بالنّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، وأخذ الإيمان عمّن جاء من الصّحابة، وهاجَرُوا إليه فآواهم، فلمّا مات، نَعاهُ النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - في ذلك اليوم، وهو من أعلام نُبُوَّتهِ ومعجزاته كما تقدّم.

والنّعيُ هاهنا هو الإخبارُ بمَوْتِهِ، كما أخبر بمَوْتِ جعفر وزيد بن حارثة، فثبت من ذلك ثلاث حالات (٦):

١ - الحالة الأولى: أنّ إعلامَ الأهلِ والقرابات (٧) والصّالحين والعلّماء بمَوْته

سُنَّةٌ.


(١) إلى هنا أخرجه مالك - من غير طريق الواقدي - في الموطّأ (٦٠٦) رواية يحيى.
(٢) انظر الروض الأنف للسهيلي: ٢/ ١١٨
(٣) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ١١ بتصرُّف.
(٤) المراد هو الإمام الباجي.
(٥) من ها هنا إلى قوله: " ... من أعلام نبوته" مقتبس من المنتقى: ٢/ ١١.
(٦) انظرها في العارضة: ٤/ ٢٠٦.
(٧) جـ: "القرابة".

<<  <  ج: ص:  >  >>