للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على القبور إنّما هو لقضاء حاجة الإنسان، وقد قال مثل هذا زيد بن ثابت، وهو الأظهر في التّأويل؛ لأنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قد زار القبور وأباح زيارتها، ولا خلافَ اليوم بين المسلمين في جواز الجلوس عليها عند الدَّفْن، فيُحمَلُ الحديثُ على ذلك، ويجمع بينه وبين مارُوِيَ من قول علىّ وفعله.

وقوله في الحديث الآخر (١): إِنَّمَا النَّهْيُ عَنِ الْقُعُودِ عَلَى الْقُبُورِ فِيمَا نُرَى لِلْمَذَاهِبِ.

قال الإمام: "المذاهبُ " يعني به الغائط والبول، وهذا تأويل زيد بن ثابت.

حديث مَالِك (٢)، عَن أِبي بَكر بنِ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيفٍ؛ أَنَّهُ سَمعَ أَبَا أُمَامَةَ ابْنَ سَهلٍ بْنِ حُنَيفٍ تقُولُ: كُنَّا نَشْهَدُ الْجَنائِزَ، فِيمَا يَجْلِسُ آخِرُ النَّاسِ حَتَّى يُؤذَنُوا.

الإسناد:

قال أبو عمر (٣): أبو بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف لا يوقف له على اسم، وروى عنه مالك وعبد الله بن المبارك.

الفقه في ثلاث مسائل:

المسألة الأولى:

قوله: "فَمَا يَجلِسُ آخِرُ النَّاس حَتَّى يُؤذَنُوا" يريد بالصَّلاة عليها في المصلَّى، ثمّ يحملون الميِّت إلى قبره، فما يأتي آخر من صلِّى عليه إلَّا وقد دفنَ.

قال الإمام: وإنّما هذا حين رأى ما أحدث النّاس من البُنْيَان، فكان ذلك منه إنكارًا لما أَحْدَثُوه، فذكر ما كان عليه النَّاس من الاختصار، وأنّهم لم يكلونوا يبنون عليها.

المسألة الثّانية (٤):

وأمّا الانقلاب عنها، فلا يحتاج إلى إذْنٍ، هذا عند زيد بن ثابت (٥). وقال ابنُ عمر والمِسْوَر: لا ينصرف عنها إلَّا بإذْنٍ.


(١) وهو قول مالكٌ في الموطّأ: ١/ ٣١٩ رواية يحيى.
(٢) في الموطّأ (٦٢٨) رواية يحيى.
(٣) في الاستذكار: ٧/ ٥٨٩ (ط. هجر) وانظر كتاب الاستغناء لابن عبد البرّ: ٢/ ١٠٦٦.
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٢٤.
(٥) في المنتقى زيادة: "وعبد الله بن مسعود".

<<  <  ج: ص:  >  >>