للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خاتمة (١):

أمّا البكاء دون القَلْقَلَة (٢)، فلا حرجَ فيه، وهو ظاهر في أحاديث كثيرة منها حديث جابر الّذي أدخله التّرمذيّ (٣)، وقوله: "إِنِّي لَمْ أَنْهَ عَنِ الْبُكَاءِ، إِنَّمَا نَهَيْتُ عَنْ صَوْتَيْنِ فَاجِرَيْنِ: صَوْتٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ، وَزَمْرِ (٤) شَيطَانٍ" فأخبر أنَّه لم ينه عن البكاء، وقد ثبت: "فَإِذَا وَجَبَ، فَلاَ تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ" (٥) وفي الحديث الصّحيح؛ أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قال في البكاء: "إِنَّمَا هِيَ رَحمَةٌ" وقال: "تَدمَعُ الْعَينُ، ويَحْزنُ القَلبُ" الحديث (٦).

نكتةٌ (٧):

وقوله في حديث أبي سعيد الخدري في "التّرمذيّ" (٨): لَعَنَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - النَّائِحَةَ والمُستمِعَة.

قال الإمام: هو كما قال؛ لأنّه موافق لقوله وفعله، إِذْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - شَارِبَ الخَمْرِ وَشَاهِدَهَا، فحقّق ذلك ما رواه أبو مالك الأشعري؛ أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبلَ مَوْتِهَا، تُقَامُ يَومَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرعٌ مِنْ جَرَبٍ" (٩).

قال الإمام: هذا لِمَا كانت تفعلُه في الدُّنيا من لباس الحزن (١٠)، واحتزام الحِبَالِ، ولَطمِ الوَجه، وغير ذلك من النَّوح (١١).

نكتةٌ أصولية (١٢):

هذه الأخبار الوَعِيدِيّة قد تقدَّمَ الجوابُ في وجه وقوع (١٣) ذلك، ووعده ووعيده


(١) انظرها في العارضة: ٤/ ٢٢٤.
(٢) في العارضة: "القلقة".
(٣) في جامعه الكبير (١٠٠٥). وقال: "هذا حديث حسن".
(٤) في الجامع الكبير: "وَرَنَّة".
(٥) سبق تخريجه.
(٦) أخرجه ابن حبّان (٣١٥٨)، والبيهقي: ٤/ ٦٨ من حديث سعد بن عبادة.
(٧) انظرها في العارضة: ٤/ ٢٢٤ - ٢٢٥.
(٨) هذا العزو فيه نظر، فالحديث أخرجه أبو داود (٣١٢٨)، وهو الّذي نصّ عليه المؤلِّف في العارضة.
(٩) أخرجه مسلم (٩٣٤).
(١٠) غير واضحة في النسختين، والمثبت من العارضة.
(١١) في العارضة: "الوجوه".
(١٢) انظرها في العارضة: ٤/ ٢٢٥.
(١٣) في العارضة: "وقوعه" وهي ساقطة من النسختين، ولعلّ الصواب ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>