للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومقاديرها (١) مختلفة فيها، ويعيّنها العلّماء، والّذي يكشف الغطاء فيه؛ أنّ تعلم أنّ الله تعالى استأثر رسوله بجميع العلّوم، فلما مات غيّرت الشّرائع (٢) شيئًا بعد شيءٍ، من الأذان إلى الصّلاة إلى آخر رِزْمَةِ الشّرائع (٣)، حتّى انتهى التغيير إلى الكَيْل، فغَيَّرَهُ هشام والحجّاج، فغلبَ المُدُّ الهاشميّ والحجّاجيّ على مُدِّ الإسلام، وغيرت الدّراهم والدّنانير واختلط ضربها، ودخل عليها من الزِّيادة والنُّقصان واضطرابِ الأقوال، ما لو سمعتموه لعلّمتُم (٤) أنّها لا تتحصّل أَبَدًا، والّذي يتنخَّلُ منها؛ أنّ المِثْقَالَ: أربعة وعشرون قيراطًا. والقيراط: ثلاث حبّات في لسان العرب. والدِّرهم: نصفه، وهو ستّ دوانق. والدّانق: ستّ حبّات ضربته بَنُوا أُمَيَّة ليسهل الصَّرف. وكان الحسن يقول: لعن الله الدّانق، ما كانت العرب تعرفه ولا أبناء الفُرْس، قاله الخطّابي (٥).

والأُوقيةُ اثنا عشر درهمًا من ذلك الوزن. والرِّطْلُ اثنتا عشرة أُوقية، وهذا هو المطابق لوَزنِ الشّريعة، ودَعْ غيره سدًّا فليس له آخر ولا مدًّا، وركِّب على هذا الوَزْن الكَيل (٦) فإنّه أصلٌ، فالمُدُّ رِطْلٌ وثُلُث، والصَّاعُ أربعة أمداد، والوَسْقُ ستّون صاعًا، وسائر الأكيال لا يتعلّق بها حُكْمٌ، إذ ليست من ألفاظ الشّريعة، فاحْذَرُوا معشرَ الأصحابِ (٧) أنّ تُرَكِّبُوا حُكمًا على لفظٍ ليس هو لصاحب الشّريعة، وقد كنت أعظم أنّ يكون مالك - على جلالة قدره، واستهانته بمن يخالف السُّتَّة- يقول في الظِّهار: يطعم مُدًّا بمُدِّ هِشَامٍ، فيجرِي اسْمُه ومُدُّه على لسانه، مع أنّه بدعةٌ مغيِّر للسُّنَّة، حتّى رأيت أشهب قد روي عنه التَّبَرِّي منه، فسُرِرْتُ بذلك (٨).

المسألة السّابعة (٩):

أمّا قول عمر بن عبد العزيز (١٠) ومالك بن أنس: إنّ الصَّدقةَ لا تكون إلَّا في


(١) غ، جـ: "ومصادرها" والمثبت من العارضة.
(٢) الّذي في العارضة: "إنّ هذه المقادير كانت معروفة في زمن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، وأحال عليها بالبيان لما استأثر برسوله غيرت الشرائع ... ".
(٣) كذا، وفي العارضة: "إلى آخر الأزمنة".
(٤) في العارضة: "لقلتم".
(٥) في غريب الحديث: ١/ ٤٥٦.
(٦) "الكيل" زيادة من العارضة.
(٧) في العارضة: "المتعلمين".
(٨) في العارضة: "فحمدتُ الله عليه".
(٩) الفقرة الأولى من هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: ٩/ ٢٧.
(١٠) في الموطَّأ (٦٥٤) رواية يحبى.

<<  <  ج: ص:  >  >>