للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا ما رَوَى التّرمذي (١) عن عاصم بن ضَمْرَة مَوْلَى علىّ، قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "عَفَوْتُ لكم عن صَدَقَةِ الخيلِ والرَّقيقِ فآتوا (٢) صدقةَ الرِّقةِ من كلِّ أربعينَ دِرهمًا درهمًا، وليس في تِسْعين ومئةٍ شيءٌ، فإذا بَلَغَت مئتينِ ففيها خمسةُ دَرَاهِمَ". وهذا حديثٌ لم يصحّ، وأصحّ الأحاديث في هذا الباب حديث أبي سعيد الخدري كما تقدّم بيانه.

المسألة الخامسة:

قال جماعة من العلّماء: ليس في الذَّهب زكاة حتّى يبلغ صرفها مئتي درهم، فإذا بلغ صرفها مئتي درهم ففيها رُبُع العشر، ولو كان وزنُها أقلّ من عِشرين دينارًا. وليس فيها عند مالك شيءٌ، وهو الصَّريحُ من مذهبه أنّه يجب في عشرين دينارًا، كما يجب في مئتي درهم، لا خلافَ في ذلك عنه، وعليه فقهاء الأمصار، إلَّا ما روي عن الحسن بن أبي الحسن؛ أنَّه قال: لا زكاةَ في الذَّهَبِ حتّى يبلغ أربعين دينارًا، فيكون فيها دينارًا، والجمهور على خِلاَفِهِ قَدِ انْعَقَدَ، والحديث الّذي احتجَّ به الحسن ضعيفٌ لا يُلْتفَتُ إليه.

خاتمة (٣):

قوله: "لا زكَاةَ حتَّى يَحُولَ عليه الحَوْلُ" يريد بذلك الماشية والعَين وهو الذَّهب والوَرِق، وأمّا الزَّرْع والمعدِن والثَّمار، فإنَّ الزّكاةَ فيها ساعة يحصل (٤)، والفرق فيهما: أنّ الحَوْلَ إنّما ضربَ في العين والماشية لتكامُل النِّصاب فيهما. وأمّا الزَّرْع والمعدِن، فإنَّ تَكَامُلَ نَمَائِهِ عند حَصَادِ الحَبِّ وخُروج العَيْنِ من المعدِن، ولا نماء له بعد ذلك من جنس النَّمَاء الأوّل (٥)، فلذلك وَجَبَتِ الزَّكاة في الحَبِّ يوم حصاده، قال تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} الآية (٦).

على أنا قد بيَّنَّا أنَّ الزّكاةَ تحتاج لخمسة أشياء، فإذا عُرفت الخمسة لم يخرج


(١) في جامعه الكبير (٦٢٠).
(٢) في الجامع: "فهاتو".
(٣) الفقرة الأولى من هذه الخاتمة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٩٤ - ٩٥.
(٤) أي يحصل منه النِّصاب، ولا يُرَاعَى في شيء من ذلك النّصاب.
(٥) وإنّما له بعد ذلك نَمَاء من جنس آخر وهو تصريف الزكاة الّتي يعتبر فيها الحول.
(٦) الأنعام: ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>