للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشّافعيّ (١) وجميع أصحابه (٢). وقال أهل العراق وأبو حنيفة: لا زكاة عليهم (٣). ولنا الأدلّة عليهم من ثلاثة أوجه:

الأوّل: الحديث المتقدِّم عن عمر؛ أنَّه قال: "اتَّجِرُوا في أَموالِ اليَتَامَى، لا تأكلها الزّكاة" فلو أنّ الزَّكاةَ واجبةٌ فيها لما أكلتها.

فإن قالوا: لا حُجَّةَ في هذا؛ لأنّه يحتمل أنّ يريد: لا تأكلها النَّفَقَة؛ لأنّه قد تُسَمَّى النَّفَقَة صَدَقَة، ولأنَّ الزَّكاة لا تأكلها، لأنّها ينفى منها النِّصاب، وإنّما تأكلها وتأتي على جميعها (٤) النَّفَقَة.

الجواب - قلنا: إنّ الزَّكاة لا تنطلق على النَّفَقَة لغةً وشرعًا، ولا تُسَمَّى الزَّكاةُ صدقةً على الإطلاق، ولأنّ الصَّدَقَة تحلُّ للغني ولا تحلّ له الزَّكاة. والصّدقة أيضًا لا تنطلق على النَّفَقَة؛ لأنَّ رَجُلاَ لو أنفقَ في بُنْيَانِ دارٍ ألف دِرهَم لم نَقُل فيه تصدَّق، وإنّما تُسَمَّى نفقة الرَّجُل على عياله صَدَقَة على سبيل المجاز؛ لأنّه يُؤْجَر عليها كما يُؤْجَر على الصَّدَقَة.

الدليل الثّاني (٥) - قول النّبيّ -عليه السّلام-: "الزَّكَاةُ حَقُّ المالِ" (٦) فحيث ما وُجِدَ المالُ أُخِذَت منه الزّكاة كما يؤخذ منه العُشر، وإن كان لصبيٍّ أو يتيمٍ أو مجنونٍ.

فإن قيل: هي عبادة ولا يتعلّق بالصَّبيِّ تكليفٌ.

الجواب - قلنا: وإن كانت عبادة تجوز فيها النَّيابة، فإنْ تعذَّرَ إعطاء الصَّبيّ نابَ عنه وليّه.

المسألة الثّانية (٧):

قوله (٨): "اتَّجِرُوا في أَمْوَالِ اليَتَامَى" هو إذنٌ منه في إدارتها، فإنِ استطاعَ النّاظر


(١) في الأمّ: ٤/ ٩٨.
(٢) غ: "الشّافعيّ ومالك وجميع".
(٣) انظر كتاب الأصل: ٢/ ٨، ومختصر اختلاف العلّماء: ١/ ٤٢٧.
(٤) غ: "وتأتي عليها".
(٥) انظره في القبس: ٢/ ٤٦٥.
(٦) أخرجه البخاريّ (٧٢٨٤)، ومسلم (٢٠) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
(٧) الفقرة الأولى من هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ١١٠.
(٨) أي قول عمر في حديث الموطّأ (٦٧٧) رواية يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>