للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويروى: "يبتّ" يعني: يقطع عليه، ويرجع إلى الأوّل، أي يحذف عنه ما يعارضه ويفرد عن سواه.

الأصول (١):

قال الإمام: هذا الحديث رُكْنٌ من أركان العبادات، وأصلٌ من أصول مسائل الخلاف، فأمّا ما يتعلّق به من أصول الفقه، فإنّ القَدَرِيَّة لبّست (٢) به على سَلَفِنا (٣) الأصوليِّين، فأسلكتهم في ضنكٍ من النَّظَرِ، قالت لهم: إنّ النَّفْيَ بلا إذا اتَّصَلَ باسْمٍ على تفصيل فإنّه مُجْمَلٌ، وفاوَضُوهم عليه وناظروهم فيه، وما كان لهم أنّ يفعلوا (٤).

الفقه في سبع مسائل:

المسألة الأولى: في حقيقة النية

وقد تكلم النّاس فيها على أقوال كثيرة ليس هذا موضع بسطها؛ وإنّها تجري في (٥) المرء مَجْرَى الرُّوح في الجَسَد، وهي القصد، وهي أيضًا اجتماع القلب على حقيقة الفعل، وهي العزم.

المسألة الثّانية:

عندنا (٦) أنّ كلّ يوم يلزم التبييت في صومه لا يجوز أنّ يعرى أوّله عنها.

وقال أبو حنيفة (٧): إنّ كان قضاءً، لم يجز أنّ تعرى أوله عن النّية، وإنْ كان مُعَيَّنًا كرمضان أو نَذْر معيَّنٍ جازَ أنّ يعرى أوّله عنها.

وقال الشّافعيّ: إنّ كان واجبًا لم يعر أوله عنها، وإن لم يكن واجبًا جاز أنّ يعرى أوّله عنها، وبه قال أحمد بن حنبل.


(١) انظر كلامه في الأصول في عارضة الأحوذي: ٣/ ٢٦٥.
(٢) غ، جـ: "تلبست" وفي العارضة: "ألبست" ولعلّ الصواب ما أثبتناه.
(٣) غ، جـ: "سلف" والمثبت من العارضة.
(٤) تتمة الكلام كما في العارضة: "أنّ يفعلوا هذا، فإنّها شركة معهم في التّلاعب بالشريعة، إنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلم - لم يبعث لبيان المشاهدات وإثبات الحسيّات، وإنّما بُعِثَ لبيان الشرعيات، فإذا نفى شيئًا فإنا ننفيه شرعًا، وإن أثبته فإنا نثبته شرعًا، فليس في كلامه بذلك احتمال فيدخله إجمال".
(٥) جـ: "من".
(٦) انظر التفريع: ١/ ٣٠٢، والإشراف: ١/ ١٩٤ (ط. تونس).
(٧) انظر مختصر الطحاوي: ٥٣، والمبسوط: ٣/ ٥٩ - ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>