للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن جهة القياس: أنّها كفَّارةٌ تَرَتَّبَتْ بالشَّرْع، فكان من شرطها التَّتَابُع، أصل ذلك كفّارة الظِّهَار (١).

تنبيه على وَهَمٍ (٢):

ولَمَّا قال النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - (٣) للأعرابيِّ "كُلْهُ" ظَنَّت طائفةٌ أنّ الكفَّارة ساقطةٌ عنه، وقالوا: إنّ ذلك مخصوصٌ به، ولم ينتبهوا لفقهٍ عظيمٍ، وهو أنّ هذا الرَّجُل إنّ ازْدَحَمَت عليه جهة الحاجة وجهة الكفَّارة، فقدَّم الأهمَّ وهو الاقتيات، وبَقِيَتِ الكفَّارةُ في ذِمَّتِهِ إلى حين القُدْرَة حسب ما أَوْجَبَها عليه رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -.

قال (٤) علماؤنا: ولم يذكر القضاء لِعِلْمِهِ، وقد وردَ أنَّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - قال له: "صُمْ يَوْمًا مَكانَهُ، واسْتَغْفِرِ اللهَ" خَرَّجَهُ الدّارَقُطنيّ (٥).

واختلف النّاس فيما يصوم؟

فمنهم من قال: يصومُ اثنى عشر يومًا؛ لأنّ الله رَضِيَ (٦) من اثني عشر شهرًا بِشَهْرٍ (٧)، ويُعْزَى هذا القول إلى رَبِيعَة.

ومنهم من قال: يصوم ثلاثين يومًا، لقول النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو ابن العاصي: "صُمْ يَوْمًا من الشَّهْرِ، ولك أجر ما بَقِيَ" (٨) وقد خرّج الدارقطني (٩) فيه: أنّ يَصُومَ ثلاثين يومًا.

المسألة السّابعة (١٠):

وأمّا المرأة، فإن كانت طَاوَعَتْهُ فعليها الكفارة على حسب ما يجب على الرَّجُل؛ لأنّه قد وَجَدَ منها مثل ما وجدت منه، فلزمها ما لزمه كالحَدِّ. وإن أَكْرَهَهَا،


(١) في المنتقى بزيادة: "والقتل".
(٢) انظره في القبس: ٢/ ٥٠٠ - ٥٠١.
(٣) في حديث الموطّأ (٨١٦) رواية يحيى.
(٤) غ، جـ: "وقال" وأسقطنا الواو بناء على ما في القبس.
(٥) في سننه: ٢/ ١٩٠ من حديث أبي هريرة.
(٦) غ، جـ: "فرَضَ" والمثبت من القبس.
(٧) غ، جـ: "يشهر" والمثبت من القبس.
(٨) أخرجه مسلم (١١٥٩).
(٩) في سننه: ٢/ ١٩١ من حديث أنس بن مالك مرفوعًا.
(١٠) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>