للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصومه. فقال: ما هذا؟ فقالوا: هذا يوم صالح، أَنْجَى اللهُ فيه بني إسرائيل من عدوِّهم، فَصَامَهُ موسى. فقال: "أنَا أَحَقُّ بمُوسى مِنْكُمْ" فصامَهُ وأَمَرَ بصيامِهِ (١).

العربية (٢):

قوله: "عاشوراء" هو فاعولاء، من "ع ش ر".

فإن قيل: وكيف. قال في الحديث الصّحيح: "أصبح يوم التّاسع صائمًا" (٣) وبناء فاعول من التّاسع تاسوع؟

قلنا: هو صحيحٌ؛ لأنّ العرب تقدِّم النّهار قبلَ اللّيل، وتجعل اللّيلة المستقبلة لليَوْمِ الماضي، فعلى هذا مخرج الحديث.

الفقه والشّرح والفوائد المتعلِّقة به:

وهي خمس مسائل:

المسألة الأولى:

أَجْمعَ المذهبُ على أنَّ عاشوراء كان فَرْضًا قبلَ رمضان، بدليل حديث عائشة: "كان يوم عاشوراء"، فلمّا فُرِضَ رمضان كان هو الفَرْض.

وقال - صلّى الله عليه وسلم - (٤): "هذا يومُ عاشوراءَ، ولم يُكْتَبْ عليكم صيامه، وأنَا صائمٌ، فمن شاءَ فَلْيَصُمْ، ومن شاءَ فَلْيُفْطِرْ".

وكان يرسل إلى قُرَى الأنصار في يوم عاشوراء أنَّ من أصبح صائِمًا فليتمّ صيامه، ومن أكلَ فليتمّ أكله.

وقال: إنِّي لأحتسب على الله أنّ يكفِّر ذنوب سنة قبله.

وقال بعض المُحَدِّثَة: إنّ هذا الحديث ناسخٌ لقوله: "فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ".

واحتج أبو حنيفة بأنَّ الصَّومَ يجزئ بِنِيَّةٍ من النَّهارِ. بدليل قوله -عليه السّلام-: "هذا يوم عاشوراء، فمَنْ كانَ صائمًا فَلْيُتمّ، ومن كان مُفْطِرًا فَلْيُمْسِك" وهذا الحديث لا حُجَّةَ له فيه؛ لأنّه منسوخٌ، والحُكْمُ إذا نُسِخَ لا يحتجّ بما يثبت فيه، وهذه مسألةٌ من أصول الفقه.


(١) أخرجه- البخاريّ (٢٠٠٤)، ومسلم (١١٣٠).
(٢) انظر كلامه في العربية في القبس: ٢/ ٥٠٩.
(٣) أخرجه مسلم (١١٣٣) من حديث ابن عبّاس.
(٤) في حديث الموطّأ (٨٢٣) رواية يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>