للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التّاسع" (١)، ولا حُجَّةَ له فيه؛ لأنّ قولَهُ: "التّاسع" معناه مع العاشر، وليس فيه دليل على ترك العاشر، ونُبيِّن ذلك بمثال، وذلك أنّ نقرأ "كتاب الموطّأ" فتقول: لئن عشتُ، إلى قابل لأقرأن "البخاريّ" وليس فيه دليل على ترك "الموطَّأ".

ودليلنا: أنّ قوله: "عاشوراء" يتعلّق اللّفظ بكونه يوم العاشر، وهو مأخوذٌ من العشر، أي عاشر أيّام المحرّم.

المسألة الخامسة (٢): في فضيلة يوم عاشوراء

والأحاديثُ في هذا الباب كثيرةٌ، والصحيح منها قليلٌ، وهو ما وقعَ في المصنَّفَاتِ الصِّحَاحِ، وما تقدَّمَ ذِكْرُهُ. وقد روي عنه: "أنّ في يوم عاشوراء تابَ اللهُ على آدَمَ، وفيه اسْتَوَتْ السَّفينة على الجُودِي، وفيه أنْجَى اللهُ مُوسَى من فِرْعَوْن، وفيه وُلدَ عِيسَى". رواه ابن رُشَيْد (٣)، عن أبي سعيد الأنصاري (٤) في "كتاب الصّحابة".

وقد قيل: إنّ من فضيلة هذا اليوم أنّ جميع الوحوش تَصُومُه.

فإن قيل: وكيفَ تصومُه الوُحوش ونحن نراها تأكل؟

فالجواب - قلنا: ليس الصّومُ في الآدميِّينَ على صفةٍ واحدةٍ، فقد كان صوم من تَقَدَّمَ بأنَّ لا يتكلَّم، فلا يبعدُ أنّ يضع البارئ سبحانه للوحوش إِمْسَاكًا يكون لهم صومًا.

قال الإمام أبو بكر بن العربي: ولقد ذكرت يومًا هذا الحديث، فَعَمَدَ بعض الجُهَّالِ إلى دابَّتِهِ وجعلَ لها بين يَدَيْها تِبْنًا، فلمّا أكلت، قال: أينَ ما ذَكَرَ النّبيُّ (٥) عن الوُحُوشِ؟

وجوابه مع التَّجْهيلِ ما تَقَدَّمَ.

وأمّا النَّفَقَةُ فيه والتَّوسعة، فمخلوفَةٌ باتِّفَاقِ إذا أُرِيدَ بها وجه الله تعالى، وأنّه يخلف الله بالدِّرْهَمِ عشرًا.


(١) أخرجه مسلم (١١١٣٤) من حديث ابن عبّاس.
(٢) انظرها في القبس: ٢/ ٥٠٨ - ٥٠٩.
(٣) هو أبو الفضل الخوارزميّ، ثقة نبيل (ت. ٢٣٩) انظر تهذيب الكمال: ٢/ ٤١٤، التّرجمة: ١٧٤٢.
(٤) هو يحيى بن سعيد القرشيّ (ت. ١٩٤) انظر تهذيب الكمال: ٨/ ٣٦، التّرجمة: ٧٤٢٦.
(٥) - صلّى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>