للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان بدنيًّا، فعندنا أنّه لا تجوز فيه النِّيابة، وذلك لقوله: "إذا ماتَ المرءُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا من ثلاثٍ: ولدٌ صالحٌ يَدْعُو لَهُ، أو صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ ... " الحديث (١). ولقوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} الآية (٢).

قال: وفي العارضة قال علماؤنا: لا يصلِّي أحدٌ عن أحدٍ باتِّفَاقٍ فَرْضًا ولا نافلة، حياةً ولا موتًا، وكذلك الصِّيام فإنّه لا يصومه أحدٌ عن أحدٍ.

المسألة الثّانية:

قال: ثُمّ إنّ النّاس أطلقوا الأحاديث في الاحتجاج في ذلك، فقالوا: ثبتَ في الصَّحيح؛ أنّه قال: "من ماتَ وعليه صومٌ صام عنه وَليُّهُ" (٣) وعن ابن عبّاس؛ أنّ امرأةً أتت النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسولَ الله، إِنَّ أُمِّي ماتت وعليها صومٌ، أَفَأَقْضيهِ عنها؟ ... إلى قوله: "فَدَيْنُ اللهِ أحقّ أنّ يُقْضى" (٤).

وهذه الأحاديث تعارض القرآنَ المُطْلَقَ، وعمومُ القرآنِ المقطوعِ به أَوْلَى من الحديثِ المُطْلَقِ.

ويعارضه أيضًا: قوله -عليه السّلام-: "إذا ماتَ المَيِّتُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ ... " الحديث (٥).

المسألة الثّالثة (٦):

فممّن قال به أحمد بن حنبل. وقال (٧) الحسن البَصْريّ: إنْ صامَ عنه ثلاثون رَجُلًا من قَوْمِهِ (٨) يومًا أجزأه.

وهذه مسألة تصعبُ على الشّادين إذا صدمتهم هذه الظواهر، وتسهل على العالِمِينَ، فخذوا فيها وفي أمثالها دُستورًا يُسَهِّل عليكم السّبيل، ويُوَضِّح لكم الدّليل: لما قال النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "مَنْ مَاتَ وعَلَيْهِ صَوْمٌ، صامَ عنه وَليُّهُ" قلنا: لا يخلو هذا الميِّت


(١) أخرجه مسلم (١٦٣١) من حديث أبي هريرة.
(٢) النجم: ٣٩.
(٣) أخرجه البخاريّ (١٩٥٢)، ومسلم (١١٤٧) من حديث عائشة.
(٤) أخرجه البخاريّ (١٩٥٣)، ومسلم (١١٤٨).
(٥) سبق تخريجه.
(٦) انظرها في القبس: ٢/ ٥١٧ - ٥١٨.
(٧) "قال" زيادة من المنتقى.
(٨) أضيف في هامش جـ: "ثلاثين".

<<  <  ج: ص:  >  >>