للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: ذلك الشّغل كان مُبَاحًا، والمباحُ لا يُزَاحِمُ الفُروضَ، فلولا أنَّ التَّأخير كان جائزًا ما تأَخَّرَ بذلك الشّغل.

المسألة الثّانية (١):

أمّا الكفّارة، فوقتها مَنُوطٌ بأسبابها تارةً (٢)، ومسترسلة على العمر تارة. فأمّا كفارة الظِّهار فَتَقِفُ على مطالبة المرأة، فإن طلبت تَعَيَّنَ وقتها، وإن تركت فَوَقْتُها العُمر ما لم يغلب على الظَّنِّ الفَوْت، وهذا معنى اتَّفَقَت عليه الأُمَّة.

وهذه هي العمدة لعلّمائنا الأصوليِّينَ في أنّ مُطْلَق الأَمْرِ ليس على الفَوْرِ.

المسألة الثّالثة (٣):

٢ - قضاء من أفطر ناسيًا، واختلف العلّماء فيه؛ فقالت جماعة: لا قضاءَ على من أَفْطَرَ ناسيًا، واختاره الشّافعيّ، ونَزَعَ لقول النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -: "اللَّهُ أَطْعَمَكَ وَسَقَاكَ" (٤).

قالوا: وهذا ينفي القضاءَ؛ لأنّه لم يتعرض له.

وَحَمَلَهُ علماؤنا على أنّ المرادَ به نفي الإثم عنه، فأمّا القضاء فلا بدّ منه؛ لأنّ صورةَ الصَّومِ قد عُدِمَت، وحقِيقَتُه بالأكل قد ذَهَبَتْ، والشّيءُ لا بَقَاءَ له مع ذهابِ حقيقته، كالحَدَثِ يبطلُ الطَّهارة سَهْوًا جاءَ أو عمدًا.

وهذا الأصلُ العظيمُ لا يردّه ظاهر محتمل التَّأويلِ، وقد صحَّحَ الدّارقطنيّ (٥)؛ أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم -، قال له: "اللهُ أَطْعَمَكَ وسَقَاكَ، ولا قضاءَ عليك" وهذه الزيادة إنّ صحَّت، فالقول بها واجبٌ، وقد قال فيها بعض علمائنا: أرادَ ولا قضاءَ عليك على الفَوْرِ، وهذا باطلٌ.

المسألة الرّابعة (٦):

٣ - قال علماؤنا: يقضي رمضان مُتَفَرِّقًا، وكذلك أيّام الكفّارة، وقد اخْتَلَفَ في


(١) انظرها في القبس: ٢/ ٩١٥.
(٢) "تارة" زيادة من القبس.
(٣) انظرها في القبس: ٢/ ٥٢٠ - ٥٢١.
(٤) أخرجه البخاريّ (١٩٣٣)، ومسلم (١١٥٥) من حديث أبي هريرة.
(٥) في سننه: ٢/ ١٧٨ من حديث أبي هريرة، وقال: "إسنادٌ صحيح وكلهم ثقات".
(٦) انظرها في القبس: ٢/ ٥٢١ - ٥٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>