للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة السّادسة (١):

قوله (٢): "ومَنِ اسْتَقَاءَ" يريد من اسْتَدْعَى ذلك، فهو الّذي يلزمه القضاء، هذا قول مالكٌ، واختلفَ أصحابُه في وجوب ذلك:

فقال الأَبْهَرِيُّ: هو على الاستحباب.

وقال الداودي (٣): هو على الوجوب، وبه قال الشّافعيّ وأبو حنيفة (٤) قال الإمام (٥): والدّليلُ على وجوب ذلك: أنّ المُتَعَمِّدَ له لا يسلم في الغالب من رجوع شيءٍ إلى حلقه ضرورة.

المسألة السّابعة (٦):

فإذا قلنا بوُجوبِ القضاء عليه، فهل عليه الكفارة؟

قال أبو بكر الأَبْهَرِيُّ (٧): إنِ اسْتَقَاءَ عامِدًا فعليه الكَفَّارة.

وقال عبد الوهّاب: القضاءُ على الوجوبِ وتلزمه الكفّارة.

وقال أبو الفَرَج: لو سُئِلَ عنه مالك لأَوْجَبَ عليه الكفّارة.

قال الإمام (٨): وهذا الّذي قاله عبد الوهّاب يبطلُ عندي من وجهين:

١ - أحدهما: أنّ الكفَّارةَ إنّما تجب إذا كان الفِطْرُ باختيارِ الصَّائمِ، وأمّا إذا فعلَ ما يُؤَدِّي إلى الفِطْرِ فإنّه لا تجب عليه الكفَّارة. ألَّا ترى أنّه لو أَمْسَكَ المَاءَ في فيه، فغَلَبَهُ فدخل في حلقه، لم تجب عليه الكفَّارة، ووجب القَضَاءُ، وكذلك فِطْر المستقيء إنّما يقعُ بالرّاجِعِ، وهو لم يتعمَّد ارتجاعه، وهذا الظّاهِرُ عِنْدِي من قول مالك.

٢ - وأيضًا: فإنّ الكفَّارةَ لم تثبُت في ذمَّتِهِ قبلَ ذلك بأَمْرٍ واجِبٍ، فيكون عليه، ولا يجب إِلَّا بأَمْرٍ متيقّنٍ (٩).


(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٦٤.
(٢) أي قول ابن عمر في حديث الموطَّأ (٨٤٠) رواية يحيى.
(٣) في المنتقى: "قال أبو يعقوب الرّازي".
(٤) انظر مختصر الطّحاوي: ٥٦، والمبسوط: ٣/ ٥٦.
(٥) النقل موصول من المنتقى.
(٦) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٦٤.
(٧) حكايةً عن ابن الماجشُون.
(٨) النّقل موصول من المنتقى.
(٩) "متيقن" زيادة من المنتقى. وقد اختصر المؤلِّف الكلام في هذا الوجه اختصارًا استغلق معه المعنى، =

<<  <  ج: ص:  >  >>