للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان في شهر رمضان أَمْسَكَ عن الطَّعَامِ والشّرابِ والمعاصي، فكأنّ أبواب النّار غُلِّقَت عن هذا وفتحت له أبواب الجَنَّة.

وكذلك قال أكثر النّاس: إنّ معنى: "فتحت أبواب الجنَّة" أي كثرت الطّاعات، "وغُلِّقَت أبوابُ النَّار" أي انقطعت المعاصي وقَلَّتْ، وضربت لذلك الأبواب في الوجهين مثلًا.

قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي: هذا مجازٌ جائزٌ لا يقطعُ الحقيقة ولا يعارضها، وكلا المعنيين صحيحٌ مليحٌ موجودان.

الفائدةُ السّادسة (١):

قوله: "غُلِّقَت أبْوَابُ النَّارِ" وروي في رواية: "غُلِّقَتْ أبوابُ جَهَنَّم"، وروى النسائي (٢): "غُلِّقَتْ أَبوَابُ الجَحِيمِ" وهذا يدلُّ على أنّها أسماء جهنَّم،* خلافًا لمن تعدَّى فجعل ذلك عبارة عن انتهاء درجات جهنم* (٣)، وأنّها طِبَاق سبع، لها هذه التّسميات، وليس كما زعم بعضى الجُهال المُعْتَدِين أنَّ أبواب جهنَّم سبعة، ولم يخلق إلى الآن من يُحَدِّث عن محمّد - صلّى الله عليه وسلم - تسمية أبوابها، وذلك كلُّه اعتداءٌ على دِينِ الله تعالى. وأبوابُ الجنَّة ثمانية، ولم يخلق إلى الآن من يُسَمِّيها عن محمّد - صلّى الله عليه وسلم -، والّذى صحَّ عنه أنّ للجنَّة بابًا يقال له الرَّيَّانُ، لا يَدْخُلُهُ إِلَّا الصائمون (٤)، وأمّا أنّها ثمانية، فهي ثمانية كما قال - صلّى الله عليه وسلم - في الحديث الصّحيح: "من أنفق زوجين في سبيل الله، دُعِيَ من أبوابِ الجَنَّةِ الثَّمَانية، يدخل من أيّها شاء" فقال أبو بكر: يُدعَى أحد من تلك الأبواب كلّها؛ قال: "نعم أنت منهم" (٥).

اعتراض من مستريب (٦):

قال: إنَّا نَرَى المعاصي في رمضان كما هي في غيره، فما أفاد تصفيد الشّياطين؟ وما معنى هذا الخبر؟

قلنا له: كذبتَ، أو جهلتَ، ليس يَخْفَى أنّ المعاصي في رمضان أقلّ منها في


(١) انظرها في عارضة الأحوذي: ٣/ ١٩٨.
(٢) في الكبرى (٢٤١٤).
(٣) ما ببن النّجمتين ساقط من النسختين، بسبب انتفال نظر ناسخ الأصل، واستدركنا النقص من العارضة.
(٤) أخرجه البخاريّ (١٨٩٦)، ومسلم (١١٥٢) من حديث سهل.
(٥) أخرجه البخاريّ (١٨٩٧، ٣٦٦٦)، ومسلم (١٠٢٧) من حديث أبي هريرة.
(٦) انظره في العارضة: ٣/ ١٩٨ - ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>