للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغَفْلَة ولا الإهمال بحالِ ولا بِوَجْهِ. وقد وهم في ذلك المتكلمون من علمائنا في بعض الإطلاقات على الله، وذلك قبيحٌ لا ينبغي، فلا تلتفتوا إليه.

الفائدةُ الثامنة:

"ولله عُتَقَاءُ من النّار" اعْلَمُوا -وفقكم الله وَوَفَّقَ لكم المُعَلِّم- أنّ لله سبحانه عتقاء من النَّار في كلِّ ليلةٍ ويَوْمٍ، وفي كلِّ ساعةٍ من كلّ شهرٍ، ولعتقه أسبابٌ من الطّاعات، فلِلَّهِ عتقاء من النّار بالتّوحيدِ، وبالصَّلاة، وبالزَّكاة، وبالصِّيام، فعتقاء رمضان بثواب الصِّيام وبركته، وفي الحديث الصّحيح: "والصَّلاةُ نُورٌ، والصَّدَقَةُ برهانٌ، والصَّبْر ضيَاءٌ والقرآنُ حُجَّةٌ لكَ أو عليك، كلُّ النَّاس يَغْدُو، فَبَائِعٌ نفسَهُ فَمُعتِقُها أَوْ مُوبِقُها" (١) فهذا الحديث يُفَسِّر لك معنى قوله: "عتقاء" والحمدُ لله.

الفائدةُ التّاسعة (٢):

في قوله: "كلُّ ليلةٍ من رَمَضَانَ" تنبيهٌ على أنّ الأُجْرَة يأخذها عند إنتهاء عَمَلِهِ مُتَّصِلًا به، وفي الحديث الصّحيح: "أعطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ، قَبْلَ أنّ يجفَّ عَرَقَهُ" (٣) وإذا كان تمام الشّهر أخذَ ثوابًا مُجَرَّدًا، وأجرةً مُضَاعَفَةً مُؤَكَّدَة، وقد بيَّنَهَا النّبي - صلّى الله عليه وسلم - بقوله عن ربِّه: من صام رمضان إيمانًا واحتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّم مِنْ ذَنْبِهِ (٤) حديثٌ صحيحٌ مَلِيحٌ.

الفائدةُ العاشرة (٥):

قولُه: "يا بَاغِيَ الخَيْرِ، وَيَا بَاغِيَ الشَّر" قال أهل العربيّة: أصلُ البَغْي فيه (٦)، وأقلُّه ما جاء في طلب الخَيْرِ، وأَظُنُّهُم قالوا ذلك؛ لأنّ الله لما أضاف إليه الشّر ذكره مُطْلَقًا، فقال: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} (٧) وقد يضافُ إليه الشّرَ مُقَيَّدًا، كقوله: {يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (٨) وقوله: "يا بَاغِيَ الخَيْرِ" قد يضافُ إليه، وقد قال


(١) أخرجه مسلم (٢٢٣) من حديث أبي مالك.
(٢) انظرها في العارضة: ٣/ ١٩٩.
(٣) أخرجه ابن ماجه (٢٤٤٣) من حديث ابن عمر.
(٤) أخرجه البخاريّ (٢٠٠٨)، ومسلم (٧٥٩) من حديث أبي هريرة.
(٥) انظرها في في العارضة: ٣/ ١٩٩.
(٦) أي في الشَّرِّ.
(٧) البقرة: ١٧٣.
(٨) يونس: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>