للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد روي أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "اعتكفَ العَشْرَ الوُسُطَ" (١) هكذا وَقَعَ مُقَيَّدًا، بضَمِّ الواو والسِّين.

ويحتمل أنّ يكون جمع واسط، كما قيل: واسطة الرَّجل، وواسطة العراف.

قال الإمام: ولم أزل أبحث عنه حتّى أنِّي لم أجد له معنى ولا أثر إِلَّا عند أحد أشياخي -وكان من أهل اللُّغة- فإنّه قال: "وُسُط" جمع أوسط، واحده وسيط.

ويروى "الوَسَط" بفتح الواو والسِّين، وهي رواية أبي علىّ الجيَّانىّ، وهو وسيطي (٢).

والأولُ أصحّ وأفصح.

حديث: قول عائشة - رضي الله عنها -: كان رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - يُدْنِي إِلَيَّ رَأسهُ مِنَ المسجد (٣) فَأُرُجِّلُه (٤).

قد بيَّنَّا أنّ الاعتكافَ هو الثُّبوت وهو الإقامة، وأدخل مالك - رحمه الله - في أوّل الباب ما يدلُّ على أنّ الاعتكاف هو الثّبوت في حديث عائشة هذا، ويبيّنُه بذلك قولها: "كان رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - يُدنِي إِلَيَّ رَأْسهُ فَاُرَجلُهُ، وإنَما كان يمنعه الثبوت في مكانه، ونبه بذلك بقولها: "ولا يدخلُ البيتَ إِلَّا لحاجةِ الإنسانِ" وذلك لشغله بالاعتكاف، هذا معنى التّرجمة.

الإسناد:

حديث عائشة اختلفَ فيه الرُّواةُ، فتارةً رُوي فيه: عن عمرة بنت عبد الرّحمن، وتارة بسقوطها، فلمّا رأينا اختلافهم مع حفظهم، علمنا أنَّه إنّما تركوها مع علمهم بذلك، وهذا جائزٌ فإن عروة كثيرًا ما يروي عن خالته عائشة دون واسطة (٥).

الفقه:

وفي هذا الحديث ثلاث مسِائل:


(١) أخرجه مالك في الموطَّأ (٨٩٠) رواية يحيى.
(٢) انظر مشارق الأنوار: ٢/ ٢٩٥، والاقتضاب لليفرني: ١/ ٣٥٠.
(٣) "من المسجد" غير ثابتة في الموطَّأ، وهي رواية البخاريّ (٢٠٢٩)، ومسلم (٢٩٧).
(٤) أخرجه مالك في الموطَّأ (٨٦٦) رواية يحيي.
(٥) انظر شرح البخاريّ لابن بطّال: ٤/ ١٦٤ - ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>