للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف العلماء في المراهق والعبد يُحْرِمَانِ بالحجِّ، ثمّ يحتلم هذا، ويُعتَقُ هذا قبل الوقوف بِعَرَفَة؟

فقال مالك وأصحابُه (١): لا سبيل إلى رفض الإحرام لهذين، ولا لأحَدٍ (٢)، ويتماديان على إحرامهما، ولا يجزيهما (٣) حجّهما ذلك عن حَجَّةِ الإسلام.

وقال أبو حنيفة وأصحابه (٤): إذا أحرم الصّبيُّ والعبدُ بالحجِّ، فبلغَ الصّبيُّ وعُتق العبدُ قبل الوقوف بعَرَفَة، أنّهما يستأنفان الإحرام ويجزيهما عن حَجَّة الإسلام، وعلى العبد دَمٌّ لتَرْكِه الميقاتَ، وليس على الصّبيُّ دَمٌ.

وقال الشّافعىّ (٥): إذا أحرم الصّبيُّ، ثمّ بلغ قبل الوقوف بعَرَفَة، فوقف بها مُحْرِمًا، أجزأه عن حَجَّة الإسلام، وكذلك العبدُ إذا أحرم، ثمْ أُعتِقَ قبل الوقوف بعَرَفَة، فوقف بها مُحْرِمًا أجزأه عن حَجَّة الإسلام ولم يحتج إلى تجديد إحرام واحد منهما.

وقد قال بهذه الأقوال الثّلاثة جماعة المسلمين وجملة فقهاء التّابعين (٦).

وحُجّةُ مالك: أنّ الله - عزّ وجل - كلَّف من دخل الحجَّ أو العمرة، فإتمامُه حَجُّهُ تطوُّعًا كان أو فرضًا، لقوله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (٧) ومن رفض إحرامه لم يتمّ حجّه ولا عمرته.

واختلفوا في جماعة أهل الموسم يخطئون العَدَدَ فيقفون بعَرَفَة في غير يوم عَرَفَة على ثلاثة أقوال:

القول الأوّل: إنَّ وقفوا قبلُ لم يجزهم، وإن وقفوا بعدُ أجزأهم.

والثّاني: أنَّه يجزيهم بعدُ، ولا يجزيهم قبل، وهو قول مالك (٨).


(١) انظر النوادر والزيادات: ٢/ ٣٦٠، والتّفريع: ١/ ٣٥٤.
(٢) في الاستذكار: " ... وأصحابه: برفض تجديد الإحرام".
(٣) في الأصل: "ولا يجزيه" والمثبت من الاستذكار.
(٤) انظر مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ١٦٤، والمبسوط: ٤/ ١٧٣.
(٥) في الأم: ٣/ ٣٢٢ (ط. فوزي).
(٦) الّذي في الاستذكار: "جماعة من التّابعين وفقهاء المسلمين".
(٧) البقرة: ١٩٦.
(٨) الّذي في الاستذكار: "والثَّاني: أنّه يجزيهم الوقوف قبلُ وبعدُ على حسب اجتهادهم" بدون نسبة هذا القول إلى الإمام مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>