للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبتدعًا، ما لم تخرجه بدعتُه عن الإسلام.

وفيه: أنّ الرَّجُل الفاضل لا يؤخذ (١) عليه في مشيه إلى السّلطان الجائر فيها يحتاج إليه.

وفيه: أنّ رواح الإمام من موضع نزوله بعَرَفَة إلى المسجد حين تزول (٢) الشّمس للمع بين الظّهر والعصر في المسجد في وقت الظهر سُنّة، وكذلك فعل رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -، ويلزم ذلك كلّ من بَعُدَ عن المسجد بعَرَفَة أو قُرْبَهُ، إلّا أنّ يكون موضع نزوله متّصلًا بالصّفوف، فإنْ لم يفعل وصلَّى بصلاة الإمام فلا حَرَجَ (٣).

واختلف العلماء في وقت أذان المؤذِّن بعَرَفَة للظُّهر والعصر، وفي جلوس الإمام للخُطْبة قبلهما:

فقال مالك: يخطُبُ الإمام طويلًا، ثمّ يُؤَذِّنُ (٤) وهو يخطبُ، ثمّ يصلِّي، وهذا معناه (٥) أنّ يخطُبَ الإمامُ صدرًا من خُطبته، ثمّ يؤذِّنُ المؤذِّن، فيكون فراغُه مع فراغ الإمام من الخُطبة، ثمّ ينزلُ فيقيمُ (٦).

وحَكَى عنه (٧) ابنُ نافع أنّه قال: الأذانُ بعَرَفَةَ بعد جلوس الإمام للخُطبة (٨).

وقال الشّافعيُّ (٩): يأخذُ المؤذِّنُ في الأذان إذا قام الإمام للخُطبة الثَّانية، فيكون فراغُه من الأذان بفراخ الإمام من الخُطبة.


(١) في الاستذكار: "لا نقيصة".
(٢) في التمهيد: "نزول".
(٣) استنبط البوني من هذا الأثر استنباطات لطيفة فقال: "فيه: أنّ العالِمَ يأمر الأميرَ بالمعروف إذا رجا أنّ يقبله منه. وفيه: أنّ العالم يأتي الإمام في أمر يرشده فيه. وفيه: إمامة المفضول على الفاضل. وفيه: أنّ العالم يتكلم بين يدي من هو أعلم منه. وفيه التَّثبُّت من الأعلم. وفيه: تقديم الولد بين يدي والده في الأمر بالمعروف. وفيه: الغسل لموقف عرفة" شرح الموطّأ لوحة ٦٢/ أ.
(٤) في الاستذكار: "يؤذّنُ المؤذّن".
(٥) في الأصل: "معنى ذلك" والمثبت من الاستذكار.
(٦) عبارة الإمام مالك في المدونة: ١/ ١٥٧ في الصّلاة بعرفة: "أذان المؤذّن يوم عرفة، إذا خطب الإمام وفرغ من خطبته، وقعد على المنبر، فأذّن المؤذّن، فإذا فرغ من أذانه، أقام، فإذا أقام، نزل الإمام فصلّى بالنّاس، فإذا صلّى بالنَّاس، أذّن أيضًا للعصر وأقام، ثمّ صلّى العصر أيضًا".
(٧) "عنه" زيادة من الاستذكار.
(٨) انظر البيان والتحصيل: ٢/ ٥٧.
(٩) في الأم: ٢/ ١٩٠ - ١٩١ (ط. فوزي).

<<  <  ج: ص:  >  >>