للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: هو عبد الرّحمن بن أبي ليلى، وقيل: هو عبد الله بن مَعْقِل بن مُقَرِّن (١).

قال القاضي (٢): واختلف النّاقلون لحديث كعب بن عُجْرَة هذا، وأكثرُها وردت بلفظ التَّخيير (٣)، وهو نصُّ القرآن في قوله: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ} الآية (٤). وعليه مضَى عمل العلماء.

واختلف الفقهاء في مَبْلَغِ الإطعام في فِدْيَة الأذى:

فقال مالك (٥) والشّافعيّ (٦) وأبو حنيفة وأصحابهم (٧) وداود: الإطعام في ذلك مُدَّان بمُدِّ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - لكلِّ مسكينٍ.

وقال بعض العراقيّين (٨): إنَّ أطعم برًّا فمُدٌ لكل مسكين، وإن أطعم تمرًا فنصفُ صاعٍ.

ولم يختلف العلماء أنّ الإطعام لستّةِ مساكينَ، وأنّ الصّيام ثلاثةُ أيّام، وأنّ النُّسُك شاةٌ، على ما في الحديث الّذي لكَعْب بن عُجْرَة، إلّا شيئًا رُوِيَ عن الحسن (٩) وعِكْرِمَة (١٠) ونافع؛ أنّهم قالوا: الإطعام لعشرة مساكينَ والصِّيام (١١) عشرة أيّام، ولم يتابعهم على ذلك أحدٌ، لهمَا ثبت في السُّنَّة من حديث كعب بن عُجْرَةَ.

قال الله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ...} إلى قوله: {مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} الآية (١٢)، قال ابنُ عبَّاس: المرضُ أنّ يكون برأسه جراح (١٣)، والأذى: القَمْل.


(١) وهو الّذي رجّحه ابن عبد البرّ في التمهيد: ١١/ ٤.
(٢) الكلام موصول لابن عبد البرّ.
(٣) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "احْلِق هذا الشَّعر وصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ أو أطعِم ستّة مساكين".
(٤) البقرة: ١٩٦.
(٥) في المدونة: ٢/ ٤٤٨ (ط. صادر).
(٦) انظر: الأم: ٣/ ٤٧٣ (ط. فوزي).
(٧) انظر مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ١٩٥، ومختصرالطحاوي: ٦٨.
(٨) الّذي في الاستذكار: ١٣/ ٣٠٣ أنّ القائل هو الإمام أحمد بن حنبل، وانظر قوله في المغني لابن قدامة: ٥/ ٢٨٤.
(٩) رواه الطّبريّ في نفسيره: ٤/ ٧٢ (ط. شاكر).
(١٠) رُوِيَ في المصدر السابق: ٤/ ٧٣.
(١١) في الأصل: "وصيام" والمثبت من الاستذكار.
(١٢) البقرة: ١٩٦.
(١٣) في الاستذكار: (قروح).

<<  <  ج: ص:  >  >>